رغم دحره عسكريا.. خطر داعش ما زال يهدد الشرق الأوسط وأوروبا
رغم هزيمة تنظيم (داعش) والقضاء على خلافته المزعومة في سوريا والعراق، إلا أنه لم يتم القضاء عليه تماما ولا يزال خطره قائما، فهو يعيد ترتيب صفوفه في المنطقة وأوروبا.
فما مدى خطورة التنظيم وخلاياه النائمة؟ في الرابع من يونيو الماضي، تلقت الشرطة العراقية بلاغا من مواطنين في قضاء الطارمية شمال بغداد، يفيد برصدهم لسيارة يعتقد أنها محملة بمواد متفجرة. وحين تعرف عناصر الشرطة على السيارة واقتربوا منها، أطلق مسلحون من تنظيم "داعش" كانوا مختبئين بالقرب من المكان، النار عليهم وقتلوا سبعة منهم.
وتشير هذه العملية وأخرى مشابهة لها، إلى أن التنظيم لا يزال يشكل خطرا، رغم دحره عسكريا، وبعد هذا الهجوم بفترة قصيرة قال زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، إن "داعش" لم تغادر الطارمية أصلا"، وتحدى رئيس الحكومة عادل عبد المهدى أن يعترف بالمشكلة ويعالجها.
لكن أن يتحدى زعيم شيعي الحكومة بأن تتحرك ضد تنظيم "داعش"، فإن ذلك يخدم التنظيم، إذ يؤجج الكراهية والعداء بين أنصاره وحشدهم ضد الشيعة من جهة، ويدل على مدى حضوره وخطره في العراق.
الإرهاب في العراق
ولمعرفة مدى خطر التنظيم على الأمن في العراق، يكفي أن نعرف أنه وخلال هذا العام 2019 فقط، نفذ 139 هجوما في محافظات شمالي وغربي العراق، قتل خلالها 274 شخصا بينهم 170 من عناصر الشرطة. وفي تحد منه للسلطات واستعراض لوحشيته قام تنظيم "داعش" بتوثيق قطعه لرأس شرطي في مدينة السمارة.
وتنظيم "داعش" لا يرتكب جرائمه ضد السلطات فقط وإنما ضد الشعب أيضا. إذ يقوم بفرض أتاوات على الفلاحين، ومن لا يستجيب ويدفع له، يقوم بحرق محصوله. كما يقوم بنشر الرعب والخوف بين الناس كي لا يشعروا بالأمان وبالتالي النقمة على الحكومة ويتمنوا العودة إلى السنوات القليلة الماضية حيث كانوا يعيشون تحت سيطرة التنظيم.
وتشير الوقائع على الأرض إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" سواء في العراق أو سوريا لم ينته ولم يصبح جزءا من الماضي بعد، وفي هذا السياق صرح أبو على البصري، مدير عام الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية العراقية، نهاية شهر يوليو الفائت، بأن قواته قتلت 3500 من عناصر "داعش"، لكن هذا الرقم الذي قد يبدو كبيرا، فإنه ليس كذلك مقارنة بعدد عناصره النشطين في سوريا والعراق والذي يقدر بنحو 18 ألف عنصر حسب صحيفة نيويورك تايمز، وتمتلك قيادة التنظيم ثروة تقدر بـ 400 مليون دولار، يستخدم جزء منها في تنفيذ هجمات إرهابية.
ونشرت الأمم المتحدة دراسة في يونيو من هذا العام، أشارت فيها إلى أن "داعش تتغير وتتكيف وتوفر الشروط اللازمة للمقاومة داخل سوريا والعراق". والمكان الأساسي لتجنيد عناصر جديدة، هو السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا. فالظروف الصعبة في تلك المعتقلات مناسبة للحفاظ على إيديولوجية التنظيم حية بين المعتقلين من عناصره وتجنيد آخرين.
ويحاول التنظيم استغلال كل فرصة ليقول بأنه حاضر ولم يهزم، كما لا يؤكد الأنباء التي تفيد بمقتل أو اعتقال قادته من الصف الأول. وفي هذا يختلف عن تنظيم القاعدة، حسب ما ينقل موقع "المونيتور" الإخباري الذي يهتم بشئون الشرق الأوسط، عن أبو على البصري قوله "لقد تعلم تنظيم داعش من نظام البعث. والكثير من عناصر التنظيم كانوا جزءمن نظام البعث، ويكذبون ويخدعون كما كان يفعل نظام صدام".
داعش في أوروبا وأفغانستان
ولا يقتصر خطر تنظيم "داعش" وتجنيده لعناصر جديدة على العراق وسوريا، إذ أنه وحسب ما جاء في تقرير الأمم المتحدة "يبقى تطرف السجناء الجنائيين موضوعا شائكا في أوروبا. حيث يقبع في تلك السجون معتقلون يعانون من الفقر والتهميش واليأس وفقدان الثقة بالنفس بالإضافة إلى العنف"، وهؤلاء هم الذين يبحث عنهم التنظيم ويحاول تجنيدهم.
وفي إشارة إلى خطر "داعش" على أوروبا، تشير صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تقرير لها إلى أنه يمكن أن يعود نحو 2000 من مقاتلي التنظيم السابقين من العراق وسوريا إلى أوروبا.
وصحيح أنه لم ينفذ هجمات إرهابية في أوروبا منذ فترة، ولكن هذا يمكن أن يتغبر بسرعة، فالوضع الحالي لا يعني السلام وإنما شيئا آخر: حالة هدنة، حسب "لوفيجارو".
وتجدر الإشارة إلى أن خطر تنظيم "داعش" كبير في أفغانستان أيضا، فحسب تقرير أصدره مركز الدراسات الدولية في واشنطن (سي إس آي إس)، عقب تبني التنظيم مؤخرا الهجوم الانتحاري على عرس في كابول ومقتل العشرات، يتراوح عدد مقاتليه في أفغانستان ما بين 2500 و4 آلاف مقاتل، يتركزون في إقليم نانجرهار.
ويشير التقرير إلى أن فرع التنظيم في أفغانستان لديه "طموحات للسيطرة على مساحات كبيرة من الأرض" كما فعل في سوريا والعراق عام 2014.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل