الذوق وأغاني المهرجانات
كل يوم نكتشف لونا جديدا علينا من الكلمات والألحان العشوائية، وكثيرا ما أفكر كيف يمكن أن نجد صياغة تلائم هذا اللون الغريب على مجتمعنا، وما الذي دفع بنا إلى هذه الهاوية، وكيف يمكن لنا أن نترك ساحة الفنون إلى هذه الأسماء الغريبة والألحان الدخيلة والكلمات المرفوضة.
هل لأن الساحة فارغة ولم تجد من يشغلها فكان هؤلاء هم شاغلوها أم أن المستمع أصابه شيئا جعل ذوقه يتغير، فهو صانع السوق الرائج لتلك الأغاني أم أن هناك سببا لا أعلمه قد دفع بنا إلى أن نجد أنفسنا وسط هذا المستنقع ويسميه صانعوه أيضا فنون.
أصبح للأسف اسمه الفن الشعبي، وهو الذي يتم الاستعانة به في الاحتفالات والافراح لنجد أنفسنا وسط ضجيج لا يمكن وصفه، ولكنه مطلوب وسط الشباب يجعلهم يرقصون عليه سعداء بترديد كلمات غريبة علينا، ولكنها أصبحت واقعا نعيش فيه للأسف.
عندما بدأ الفنان أحمد عدوية الغناء ظهر بعد جيل العمالقة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ والفنانة الراحلة أم كلثوم وكان ظاهرة غريبة في حد ذاته، إلا أن المجتمع كان هو صاحب القرار، وهو من ساهم في إيجاد المستمع والطلب على هذا النوع من الغناء واصبح حتى الآن تاريخ فنى، كان وقتئذ غريبا إلا أنه كان ذا طابع مقبول لمجتمع مثقف.
ولهذا فمهما انتقدنا مروجي تلك الفنون الغريبة إلا أن انتشارها مرهون بثقافة المجتمع ومدى قبوله لها، وهو ما يرجع بنا إلى كيفية بناء الثقافة والتعليم للنشء التي ساهمت في خلق شخصية المواطن، والتي جعلته يقوم بالرقص الهيستيري على الألحان الصاخبة.
لقد أصدرت نقابة المهن الموسيقية قرارها بمنع مطربي العشوائيات من الغناء، ولكن هذا القرار تأخر كثيرا بعدما أصبح لهؤلاء جمهور موجود يقدمون له ما يريد.
لا بد من الانتباه إلى ما يدفعنا إلى تغيير الذوق العام، حتى لا نستيقظ في يوم على أغنيات أكثر ضجيجا تهدم مجتمعنا وقيمه، أرجو الالتزام بقرارات نقابة المهن الموسيقية التي تحاول أن تبقى على ما تقدم من فن مصري أصيل، وأن يتوقف المجتمع عن قبول ما لا يليق به من فنون.