رئيس التحرير
عصام كامل

عارف بتكلم مين؟!



أنت عارف بتكلم مين؟ تلك هي العبارة التي أطلقها بطل عملية البلطجة بالساحل، قبل أن ينهال على رب أسرة على مرأى ومسمع من الناس..

 سبق وأن حذرت من حالة الفوضى المسيطرة على الشارع المصرى، وردت وزارة الداخلية ببيان ما قامت به من جهود كبيرة لتحرير محاضر ضد إشغالات الطرق واحتلال الشوارع، وقدمت رقما مذهلا لمحاضر مخالفات السيارات، وعددا كبيرا من الإزالات الإدارية، وزينت بيانها بعدد كبير من المخالفات التي استطاعت الوزارة وحدها مواجهتها في فترة وجيزة.

كان رد الداخلية أكبر دليل على أن شيئا ما يجرى على الأرض من فوضى عارمة لم نشهد لها مثيلا من قبل، يستوى في ذلك الأحياء التي كنا نسميها راقية والأخرى التي صبغت بوصف شعبية

 في القاهرة عاصمة مصر أحياء لا يدخلها رجل مرور واحد، الناس فيها نهب للتوك توك، ولاحتلال الباعة شوارعها القليلة الواسعة، وتسود لغة الغاب، وبالأمس القريب يتحدث الشارع الإلكترونى عن واقعة اعتداء غاشمة ارتكبها ابن واحد كبير ضد مواطن، تم ضربه ضربا قاسيا أمام أبنائه دون القبض عليه.

وابن "الواحد الكبير" كما وصف نفسه، وهو يعتدى على المواطن أمام أسرته ليست واقعة فردية، إنها صورة لغياب القانون، وصورة عبثية يعلن فيها شخص بعينه أنه فوق القانون، وأنه ابن واحد كبير لابد وأن يخشاه الناس، الذين هم ليسوا أبناء كبار في البلد، رب أسرة  يضرب بعنف أمام زوجته وأطفاله حتى تبول ابنه الصغير على نفسه من فرط قسوة الموقف، وليس أمام المواطن الذي هو ليس ابن واحد كبير إلا أن يبحث عن حل.. ما هو الحل عندما يغيب القانون؟!

 يلجأ الضعيف إلى قوى آخر ليأخذ له حقه، أو يقتص من القاسي، أو يلجأ الشخص الضعيف الذي أهين إلى العنف، فيقتل.. نعم ليس بعيدا أن يترجم الشخص الضعيف الذي لا يقتص له القانون هذا الضعف بقوة غاشمة، كأن يستخدم مسدسا ليقتل القوي، لحظة من الممكن أن تسيطر فيها مشاعر الغضب على أي منا لو تعرض لها، فالموت كمدا وقهرا ليس له حل إلا الانتقام..هنا نصبح في غابة.

إذا سادت الفوضى يصبح لها قوانين لا يحتملها أي مجتمع، لأن الغلبة ستكون للجهر باغتيال القانون، نعود إلى عصور حكمها الأقوياء، وأصبح فيها الضعفاء مجرد كمالة عدد، أو مجرد كائنات موجودة لخدمة الأقوياء، تفقد الدولة دورها تماما، ويصبح الحكم لمن غلب، تذبح الإنسانية ونتحول إلى مجموعات عدائية تحارب كل جماعة جماعة أخرى، ينجب الناس أطفالا كُثر ليكونوا "عزوة" أو قبيلة تستطيع حمل السلاح ومواجهة الفناء، البقاء هنا للأكثر عدة وعتادا.

سيارة إرهابى معهد الأورام استفادت من حالة الفوضى، وسار بركبه المفخخ عكس الاتجاه، عند إشارة مرور رئيسية لو تم ضبطها ما حدث ماحدث، الفوضى تخدم أهداف الإرهاب، لأنها تساهم في خلق حالة من السخط واللامبالاة وإعلاء شعار "مفيش فايدة"، ضبط الشارع جزء لا يتجزأ من التحضر المطلوب،لا سياحة دون ضبط للشارع، لا استثمار دون ضبط الشارع، لا عدالة دون ضبط الشارع، لا وئام بين أطياف المجتمع، ولا تجانس بين أطرافه دون ضبط الشارع، وإعلاء قيمة القانون على الجميع، بمن فيهم ابن الراجل الكبير بطل واقعة الساحل!!
الجريدة الرسمية