رئيس التحرير
عصام كامل

تصريح بالفجور


السيناربو كان مسفا جدا ومهلهلا، مشهد نهاري فى عالم افتراضي، وكالة الأناضول التركية أو قل الإخوانية فرع آل عثمان تذيع خبرا سعيدا عن تحرير الجنود المصريين من خاطفيهم، يتبعه بعد قليل شكر من المتحدث باسم القوات المسلحة لقبائل وعشائر سيناء لتعاونهم مع المخابرات الحربية يتزامن هذا مع كتائب التضليل الإخواني فى كل أنحاء المحروسة راقصة مهنئة مبشرة بالنصر العظيم وبمحرر الأقصى القادم ومحرر العبيد ومحرر الجنود بالقطع رجلهم الكبير جدا!


كان تليفزيون عبد المقصود نائما كعادته حيث لم يقل لنا الوزير متى وأين حدث هذا التحرير المزعوم رغم أنه لم يترك أنثى إلا وقال لها ( تعالي لي وأنا أقول لك ) ولكنه لم يقل لأن الشعب نصفه رجال!

سويعات قليلة يظهر لنا مشهد بطولي جميل يزينه بالطبع السيد الرئيس المتواضع الذي ضحى براحته فذهب للمطار لاستقبال أبطاله يصحبه وزيرا الدفاع والداخلية.

مشهد داخلي، يخطب السيد الرئيس كعادته ويتلو علينا نفس الآية التى يسترجعها فى كل إنجازاته التي غمر بها شعبه منذ انطلاق قطار النهضة. ظل الرئيس يدعو للعمل والتنمية والحب وشكر وشكر ولم يقل لنا من هم الخاطفون أو كيف تعاملوا معهم و كيف تم القبض عليهم.

عفوا لا يوجد قبض ولا يوجد اعتقال وربما لم يوجد خطف من الأساس! هكذا تركنا الفيلم العبثي دون أدنى معرفة فكأن عصر الظلام المادي الذى نعانيه من انقطاع للكهرباء مكمل تماما لعصر التعتيم والغموض الذى تمارسه جماعة لم تعرف النور يوما فى تاريخها كارهة للشفافية والعلانية كرهها للوطنيين.

لم أصدم فعلى مدار أسبوع كامل نحاول فيها توقع النهاية السعيدة لعملية الخطف المتعمدة لجنود مصريين فقراء غلابة مهمشين قبل تجنديهم وخدموا هذا المكان بسبب فقرهم وسيبقون فقراء بعد انتهاء تجنديهم.

هكذا دوما حال الضعفاء فى بلادي قبل أحداث يناير وبعدها، فعندما يخنع المواطن ويرضى بالمذلة وبعبادة فرعون جديد من دون الله ثم يتدنى فى طموحاته اليومية بحيث تكون غاية المراد من مندوب الجماعة توفير الكهرباء التي يبتزه بسعرها المبالغ فيه يكون كل شيء في بلادي عاديا جدا ومتوقعا مهما كان كئيبا ومملا وهزليا عبثيا وخاليا من أي مبدأ أو قيمة.

لم أندهش وتوقعت التبريرات الفجة والعاهرة لأي شيء كان سيقوم به رجل الجماعة المخلص الدكتور مرسي، فلو قتل الجنود كان بيان الجماعة سيحتسبهم شهداء فى سبيل الكرامة وعدم الخضوع للمجرمين المأجورين أعداء الرئيس التقي الورع العادل آخر أولياء الله الصالحين.

كانت ستكون فرصة عظيمة للإطاحة بالفريق السيسي ومحاولة البحث عن رجل موال للجماعة بكل جوارحه.
كانت ستخرج جحافل مضللي الجماعة للتنديد بتقصير القائد العام للقوات المسلحة.

لكن لأن الموضوع مجمله هزل سياسي وعبث بالوطن من قبل مجرمين لا يبتعدون فكريا عن الجماعة وربما يكونون أعضاء بها منحوا تصريحا بالفجور لتحرير ذويهم الإرهابيين، خرجت النهاية السعيدة بلا تفاصيل لكائنات هذا الوطن التي جاءت بمرسي والجماعة لتذوق مصر ويلات النهضة وتغرق في عصر ظلمات لم يوجد مثيل له في تاريخ البشرية!

الجريدة الرسمية