رئيس التحرير
عصام كامل

أرخص كتاب، لأغلى "فيلسوف"!


من فترة دخلت مكتبة الشروق "عشان" أشتري كتاب، على غير عادتي ،حيث اعتدت تحميل الكتب من الإنترنت بالمجان، توفيرًا للمال والوقت والجهد.. استفزتني أسعار الكتب بالمكتبة، فهي مرتفعة جدا!! 


كتب نوال السعداوي الحد الأدنى 96 جنيها، كتاب "الأسواني".. حدث ولا حرج! الكتب المترجمة لها سعرها المحترم وهكذا هي المكتبة للمثقفين اللي معاهم فلوس! واللي مش معاهم عندهم النت.. وأنا في المكتبة انتقلت من مرحلة أني ببحث عن كتاب معين لمرحلة ببحث عن كتاب ثمنه في جيبي وأقدر أشتريه كأني بشتري ساندوتش و"متعورش ". 

وهنا تعرفت على الفيلسوف المصري " زكي نجيب محمود " أو بالأصح هو تعرف علي وقال: "تعال يا رضا، أوبا بقى اشتري ".

اشتريت الكتاب"تجديد الفكر العربي" في صمت وانسحبت في هدوء وكان ثمنه 25 جنيها، ولا زال.

قرأت فيه، بعد كده راجعت اللي قرأته، قرأتهم تاني ولسه مخلصتش ربع الكتاب" لحد ممريت على صفحة قرأتها فوق العشر مرات ومندهش أنها اتكتبت سنة 1971، وقت تأليف الكتاب، وكأنها اتكتبت انهارده !! إليكم الفقرة:

"ترتفع أصوات المشفقين على الأمة العربية من مصير قد ينتهي إلى ما يشبه الدمار السياسي والاقتصادي، وهو دمار لا ينتقص من حدته أننا موجودون بالأبدان وبالتكاثر " ترتفع أصوات هؤلاء المشفقين بأن طريق الخلاص أن نستمسك بالدين وبالعروبة وبغيرها من المفاهيم التي من أجل توضيحها كتب هذا االكتاب !

فسؤالنا المطروح الذي نبحث له عن جواب هو: على أي نحو يكون التمسك بتراثنا الديني والثقافي العربي ممسكا (منقذا) لنا من الانهيار والهزيمة والدمار؟

إنه ما من خطوة يخطوها الإنسان في حياته إلا ووراءها خلفية فكرية في رأسه، استمدها من التقاليد بالتربية، أو من الدراسة بالتعلم أو استمدها من التأمل النظري الذي يتحول معه إلى عمل وتطبيق.

إنك إن غيرت مجموعة الأفكار المتجمعة في رأس آدمي تغير بالتالي سلوك صاحبه، وما (غسل الدماغ) الذي يتحدثون عنه اليوم إلا تغيير أفكار بأفكار في رءوس الناس، وما هدف الدعوة السياسية والمذهبية والتجارية إلا زرع أفكار معينة في رءوس الخاضعين لها !

فنضمن بذلك تغير السلوك !!

إذن فسؤالنا الأساسي المطروح هو: أي الأفكار التي تريدوننا أن نبتعثها من تراث الأسلاف، يمكن أن نعلق بها الرجاء وهل صحيح أننا واجدون في أفكار أسلافنا بالأمس ما يمكن أن ينير أمامنا الطريق؟ لقد كانت أفكارهم وليدة مشكلاتهم فهل تكون مشكلاتنا هي نفسها مشكلاتهم، بحيث نهتدي بحكمتهم في اقتراح الحلول ؟
ibra_reda Twitter
الجريدة الرسمية