رئيس التحرير
عصام كامل

الإنفاق على المحتاجين أفضل عند الله!


في غمرة الحج وتجدد مناسبته السنوية يتجدد سؤال ما زلنا نبحث له عن إجابة قاطعة دون جدوى للأسف، هل تكرار الحج والعمرة يمحو الذنوب والخطايا إذا تكرر اقترافها، وإذا كان الحج فريضة واجبة لمرة واحدة في العمر متى توفر للمكلف بها شرطا القدرة والاستطاعة المالية والبدنية بنص القرآن "ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا"..


فلماذا الإصرار والتسابق على تكرار الحج والعمرة رغم ظروفنا الاقتصادية الصعبة، ألا يرجح فقه الأولويات إنفاق المال في سبل النفع العام للمجتمع، فكيف يبيت المؤمن شبعان وجاره جائع.. وكيف يسافر الحاج مكررًا حجه أو عمرته.. بينما هناك ملايين المرضى في بلده يحتاجون لعلاج يخفف آلامهم ويرحم أوجاعهم، ولا يجد آلاف الطلاب أماكن مناسبة في مدارسهم بخلاف ملايين المحتاجين..

ثم أليس خير الناس أنفعهم للناس، أم يظن الأغنياء أن تكرارهم للحج والعمرة يطهرهم من الخطايا التي يداومون للأسف على اقترافها إتكالًا على أن مثل هذا التكرار ينجيهم منها، ويقربهم إلى الله أكثر ويمنحهم الثواب الأعظم، وهل ينسون قول الرسول الكريم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

لا حاجة للقول إن للتنمية روافع ومحفزات تنهض عليها في المجتمعات الحديثة الناهضة التي لا تقوم فيها الحكومات بكل شيء بمفردها، بل إن هناك شركاء في التنمية ممثلين في منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال الذين عليهم مسئولية اجتماعية كبرى للإسهام في نهضة المجتمع وحل مشكلاته..

فهل يعتقد من يكررون الحج والعمرة أنهم سيحصلون بفعلهم هذا على "صك غفران" لذنوبهم مهما بلغت، ومن يضمن أن الله قبل حجهم وعمرتهم أم ردهما عليهم.. وإذا كان تكرار الحج جائزًا لمن يفعل ذلك بماله الحلال فهل يجوز ذلك لمن يكرر الحج بمال غيره أو بمال مشكوك في مصدره.. أليس ذلك إهدارًا للمال العام.. وماذا يقول من يفعل ذلك وهو لا يصلي أصلًًا بل ويمتنع عن أداء الزكاة والصيام، فكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!

ألا يعلم هؤلاء أن الإنفاق على المحتاجين أولى وأفضل عند الله، وأنه ما جاع فقير إلا ببخل غني، وإذا كان الله في عليائه قد شكر لعبد سقى كلبًًا كان يلعق الثرى من شدة العطش فكيف بمن يعالج إنسانا يتلوى من شدة الألم، أليس ثواب من ينفقون أموالهم في علاج مرضى فيروس "سي" مثلا أو مرضى القلوب العليلة أو في بناء مستشفى أو ملجأ للأيتام أعظم عند الله من تكرار الحج والعمرة؟!
الجريدة الرسمية