رئيس التحرير
عصام كامل

تحت خط الفقر (٥)


تكشف دراسة جهاز التعبئة والإحصاء أنه في الوقت الذي انخفضت فيه قليلا نسبة الفقر بين الأميين لتصل إلى ٣٩،٢ في المائة مقابل ٤٠،١ في المائة عام ٢٠١٥، فان هذه النسبة ارتفعت لدى المتعلمين بدءا من الابتدائية إلى التعليم الأعلى من الجامعى..


فقد ارتفعت نسبة الفقر لدى متعلمى الابتدائية من ٣٢،٦ إلى ٣٨،٣ في المائة.. وارتفعت النسبة لدى متعلمى الإعدادية من ٢٧،٥ إلى ٣٤،٤ في المائة.. كما ارتفعت لدى متعلمى الثانوية من ١٦،٥ إلى ٢٢،٤ في المائة.. أما في التعليم الجامعى فقد ارتفعت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر من ٧،١ إلى ١١،٨ في المائة.. وكذلك ارتفعت في التعليم الأعلى من الجامعى ( ماجستير ودكتوراه ) إلى ٥،٥ مقابل ٢،٩ في المائة.

وقد نجد تفسيرا لذلك في هيكل النمو الاقتصادى وبنيته الذي تم في هذه الفترة ( ٢.١٥/ ٢٠١٧ ).. حيث اعتمدنا على التنمية العقارية، والأعمال الإنشائية في البنية التحتية، وهى أعمال توفر في العادة فرص عمل أكبر للحرفيين مثل العاملين في محال البناء والكهرباء والسباكة وغيرها.. بينما لم نمنح ذات القدر من الاهتمام للصناعة التحويلية والتي تحتاج لعمال غير اميين، أو نالوا قدرا من التعليم والتدريب الفنى، ناهيك عن المهندسين وغيرهم من المهنيين.

وإذا كان التركيز على الأعمال الانشائية وأعمال البنية الأساسية مفهوما لتحريك عجلة الاقتصاد المصرى التي كادت أن تتوقف حينما انخفض معدل النمو الإقتصادى إلى ٢ في المائة في السنوات الأولى من العقد الحالى، فإنها لا يمكن الاستمرار في تحقيق معدل نمو مرتفع دون لانتقال للاهتمام بالصناعة التحويلية، ومعها الزراعة أيضا، خاصة وأن الأعمال الإنشائية لها في نهاية الأمر سقف لا يمكن تجاوزه في حدود الطلب إليها، على عكس الصناعة والزراعة أيضا..

فإن إنتاجها لا يقتصر على السوق الداخلي فقط، وإنما يذهب إلى التصدير للأسواق الخارجية، وهذا ما اعتمدت عليه التجربة الاقتصادية الصينية التي قادت الاقتصاد الصينى ليصير ثانى أكبر اقتصاد في العالم، وقريبا سيحتل المركز الأول عالميا.

خلاصة الأمر أن الاهتمام بالصناعة ثم الزراعة لن يحقق لنا معدلا للنمو الإقتصادى نطمح أن يكون كبيرا، وإنما سوف يساعدنا على تخفيض معدلات الفقر بوجوهه المتعددة، وليس فقر الدخل فقط، من خلال توفير فرص عمل منتظمة ودائمة، تمنح أصحابها دخولا تنتشلهم من تحت خط الفقر.. وآن الأوان أن نفعل ذلك حاليا، لأن التنمية العقارية لا تصنع وحدها تنمية اقتصادية.
الجريدة الرسمية