تابان شوريش.. طفلة عراقية هربت من إبادة جماعية وعادت لتساعد المتضررين
تابان شوريش.. فتاة كانت في الرابعة فقط من عمرِها عندما داهم ضباط استخبارات عراقيون منزل جدتها بمدينة أربيل بالعراق، واصطحبوا والدتها من أجل استجوابها، ثم أخذوها هي وجديها للحصول على المزيد من المعلومات خاصة أن والدها كان ناشطا سياسيا وشاعرا وعائلتها كانت دائمًا على قائمة المطلوبين خلال فترة حكم صدام حسين.
إبادة جماعية
في خريف 1986، صدر حكم بقتل كل النشطاء السياسيين، خلال عملية إبادة جماعية عرفت بـ"معركة الأنفال" ودفن النشطاء أحياء، وذلك خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وكان اسم عائلة تابان في كشف المحكوم عليهم بالإعدام في ذلك الوقت، وحينها ألقي القبض عليهم جميعًا.
لكن عائلة تابان توسلت مرارًا وتكرارًا للرجال الشرطة السرية بألا يأخذوها خاصة أنها طفلة في الرابعة من عمرها ولا علاقة لها بما يحدث لكن محاولتهم باءت بالفشل.
"الدفن بالحيا"
من خلال معركة عرفت بـ"الأنفال"-عملية الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق-، كانت تابان وعائلتها ضمن هؤلاء القائمة، لكن حالفهم الحظ بأن يتمكنوا من الفرار من هذه الإبادة التي توفي على اثرها أكثر من 180 ألف كردي دفن بعضهم أحياء.
هروب معجزة
في الوقت الذي كانت تقوم فيه الحافلات بوضع التراب على المعتقلين ودفنهم أحياء، توقفت بعض الحافلات فجأة وذهب أصحابها للمناقشة بعيدًا، وفي هذه اللحظة أخبر رجلان عائلة تابان بأنهم يمكنهم التظاهر بأنهم أموات حتى يتمكنوا من الفرار، وبالفعل نجحوا في خطتهم وظلوا مختبئين قرابة 3 أشهر من الألغام والرصاص والدفن الحي.
بعد ذلك تمكنت عائلة تابان في الهرب إلى إيران ومنها إلى بريطانيا بعد أن قامت منظمة العفو الدولية بنقل والدها إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج الطبي في عام 1987 جراء تعرضه لحالة تسمم.
حياة جديدة
وعلى الرغم من تأثير الصدمة التي حدثت في طفولة تابان ومشاهدة الموتى وسماع أصوات الرصاص إلا أنها تمكنت من بدء حياة جديدة والدراسة في بريطانيا والزواج مبكرًا في سن التاسعة عشرة والإنجاب في العام التالي لزواجها.
اقرأ ايضًا: «عشائر الأنبار»: العراق تشهد حرب إبادة جماعية بين العرب والفرس
بعد ذلك حققت التوازن بين العمل في إحدى شركات إدارة الأصول الاستثمارية وتربية ابنها، ومن ثم بعد أكثر من عقدين قامت بتأسيس مؤسسة خيرية " The Lotus Flower " عام 2016 في بلدها الأصلي أربيل بالعراق لمساعدة النساء والفتيات المتضررات من النزاع والتشرد، وإعادة بناء حياتهم مرة أخرى.
ومن ثم وسعت تابان من المؤسسات الخيرية غير الربحية وأصبح لديها 3 مراكز في ثلاثة معسكرات مختلفة، كما تمكنت من مساعدة 7500 امرأة وفتاة حتى الآن.
جريمة بشعة
جدير بالذكر أن عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق، تعد من أبشع الجرائم التي ارتكبها الراحل صدام ونظامه ضد الأكراد، واستهدفت عام 1983 البارزانيين الذين تم في المرحلة الأولى تهجيرهم من مناطقهم وزج بهم في مجمعات قسرية، وفي يوليو 1983 اعتقل 8 آلاف بارزاني من الذكور سن 8 أعوام فما فوق واقتيدوا إلى جنوب العراق ولم يعثر لهم على أثر منذ ذلك الوقت.