دوري بطعم الخسارة
بالغت جماهير الأهلي ولاعبوه في الاحتفاء بالفوز بدرع الدوري العام، المبالغة ربما نكاية في جماهير الزمالك ورئيسها، وربما لأن الزمالك اعتلى صهوة الجواد لفترة غير قصيرة، محققا إنجازا وفارقا في النقاط، كان يصعب على منافسه الوصول إليه أو اللحاق به، غير أن الواقع فرض نفسه، لأننا أمام فريقين أحدهما فريق بطولات، والآخر تهزمه معاركه الجانبية، وعدم الاستقرار بين صفوفه، أو في إدارته.
أقول وأنا أهلاوى صميم: لم أسعد بالفوز بالدرع كما سعد زملائى المشجعون، لأننا ولأول مرة تؤثر فينا مؤامرات حاكها البعض ضد الأهلي، ولأننا لم نقدم كرة القدم الممتعة، ولأننا اشترينا وهما كبيرا بدفع مبالغ طائلة في عناصر أثبت الواقع العملى أنهم مجرد هواة، وأن الانتماء لا تستطيع أن تشتريه بالمال.. الفارق بين حسام عاشور أو وليد سليمان وغيره كثر، هو الفارق بين المنتمى والمشترى بأموال بعثرناها على الفاضى دون المليان!!
الأهلي في الموسم الفائت غير الأهلي الذي نعرفه، أهلي هذا الموسم كان فاترا، مائعا، فاقدا للحماس، كان مجرد جامع نقاط، لم يكن فريقا حيويا نابضا بالحماسة والدفء، كان خاليا من الدسم ومن المتعة، لا نتذكر للفريق كله جملة مدهشة مثل تاريخه، ولا نتذكر له موقعة نابضة بالحياة، كان مريضا طوال الوقت، تسكنه هشاشة الخصوم، وتعبث به فوضى الآخرين، لم يكن أهلي القرن، ولا حتى أهلي الموسم.
للأهلي إطلالة يصعب على غيره تحقيقها، للأهلي شنة ورنة فقدناها طوال الموسم، للأهلي هيبة ضاعت بين أقدام لاعبين دون المسئولية، للأهلي جرأة فقدت بين أطلال التردد والحسابات والمواءمات، للأهلي صولات في التغيير الكامل لم نجدها طوال الموسم، للأهلي تاريخ كاد أن يضيع، وله كرامة نال منها صبية كان مجرد مرورهم بجوار سور النادي تاريخا يحكون عنه في دفاترهم لذويهم.
الأهلي ليس ناديا للعبة شعبية حقق فيها ما لم يحققه الآخرون، الأهلي تاريخ من الصمود والإرادة، رسم الابتسامة في أوقات الضيق، ورفع راية مصر في المحافل الدولية، ومثل بلادنا بدبلوماسية رياضية قلما تتكرر، الأهلي شاى الفقراء، وسكر البسطاء، وفنجان قهوة صباحية في عرف الطبقة الأعرض.. الأهلي بحاجة إلى قرارات ثورية تعيده إلى واقعه الذي كان، وتنسف كل ما هو غير منتمٍ إليه.