رئيس التحرير
عصام كامل

"موسم الفضائح في الجبلاية"الدوريات العالمية تستعد للموسم الجديد.. والدوري المحلي «سلحفاة» في البيات الصيفي.. فضيحة أمم أفريقيا تجبر الرعاة على التراجع.. وأرقام عقود اللاعبين الخيالية في 

فيتو

تستطيع وأنت مرتاح البال أن تطلق على موسم 2019/ 2020 لقب الأفشل في تاريخ الكرة المصرية، بعد أن شهد كوارث إدارية بالجملة، قادته لتصدر قائمة المواسم الأطول، بعد أن استمر 12 شهرًا كاملًا، في واقعة تحدث للمرة الأولى، خاصة وأن ما حدث لم يسبق وأن شهدته أي دولة تنظم مسابقة رياضية، حيث انتهى الدوري المصري هذا الأسبوع، ولم تنته مسابقة كأس مصر، في الوقت الذي أنهت فيه جميع الدول التي تمارس اللعبة مسابقاتها.


وبدأ الجميع خوض فترة الإعداد للموسم الجديد، بل إن بعض الدول على مشارف بدء موسمها الجديد، ونحن لم ننه بعد موسمنا الكروي، الذي انتهى بفوز الأهلي بالدرع للمرة الرابعة على التوالي، ورقم 41 في تاريخه، ومع فشل الزمالك في مواجهة ريمنتادا الأهلي التاريخية، بعد أن عاد من المراكز المتأخرة لتصدر المسابقة، ومعها تأكيد أحقيته في الفوز باللقب، بعد أن استغل تعثرات الزمالك وفشل لاعبيه في الحفاظ على تقدمهم في المسابقة طوال أسابيع الدوري.

المسئولون عن الرياضة المصرية أطلقوا تصريحًا يحمل في طياته رغبة الجميع في إنهاء هذا الموسم بسلام، والوصول بالمسابقات إلى بر الأمان، على أن تشهد السنوات القادمة الإعداد والترتيب بشكل جيد، يجنبنا الدخول في أزمات ومشكلات وتأجيلات ومجاملات فجة منحت هذا الموسم لقب الاستثنائي في كل شيء، سواء في توقيت نهايته أو في الأحداث الدرامية التي شهدها، والتي أدت في النهاية إلى ارتفاع موجات الغضب تجاه المسئولين عن المنظومة، الذين رحلوا في أعقاب فضيحة الخروج من بطولة الأمم الأفريقية بعد الخسارة أمام جنوب أفريقيا 0-1، في المباراة التي جمعت الفريقين بدور الـ16 من البطولة التي توج بها المنتخب الجزائري، وعلى الرغم من محاولات البعض تجميل الصورة وتصدير فكرة لم يكن بالإمكان أفضل مما كان فإن التخبط والمجاملات وتدخلات البعض وتحديدًا أحد رجال الاستثمار المشاهير، بجانب المخاوف الشديدة من ردود أفعال بعض كبار الأندية كلها أمور قادت الموسم المنقضى إلى لقب الأسوأ بل والأفشل على كافة الأصعدة.

شئون اللاعبين.. لجنة تدمير الكرة المصرية
جاء قرار لجنة شئون شئون اللاعبين باتحاد الكرة التي منحت الأندية المصرية حقها في قيد 4 لاعبين أجانب بجانب قيد لاعب من شمال أفريقيا أو سوريا أو فلسطين، بالإضافة إلى السماح بإعارة ثنائى أجنبي آخر بشرط استمرار عقودهما ليبقى بمثابة ضربة موجعة تهدد مستقبل المنتخبات الوطنية المصرية.

خاصة بعد أن منح هذا القرار جميع الفرق أحقيتها في تواجد 5 لاعبين أجانب في صفوفها، وهو ما يعني استكمال الفرق بخمسة لاعبين مصريين بجانب حارس المرمى بالطبع، وهو ما يعني ارتفاع عدد اللاعبين الأجانب في الدوري المصري، مما يؤثر سلبًا على مستقبل المنتخبات الوطنية التي تعاني الكثير بسبب نقص المواهب، وعدم وجود العناصر المتميزة، القادرة على إحداث الفارق، ولعل ما حدث في أمم أفريقيا مؤخرًا بعد الخسارة أمام جنوب أفريقيا في دور الـ16، ووداع البطولة مبكرًا أكبر دليل على ذلك، خاصة وأن المستقبل يبقى غامضًا بشدة، بشأن المنتخبات الوطنية، في ظل تواجد كم كبير جدًا من اللاعبين الأجانب في كل فريق.

تواجد 5 لاعبين أجانب في قائمة كل نادٍ، بجانب منحه الأحقية في إعارة ثنائى أجنبي آخر، بشرط استمرار تعاقداتهما يعني أن كل نادٍ سيكون من حقه أن يمتلك على ذمته 7 لاعبين أجانب، وهو أمر لم تستقبله الملاعب المصرية من قبل، وسيكون له أثر سلبي للغاية، خاصة مع تراجع مستوى اللاعبين المحترفين، وعدم مشاركة الغالبية العظمي منهم بشكل أساسى مع أنديتهم، باستثناء محمد صلاح مع ليفربول، وأحمد حجازي مع ويست بروميتش، ومع غموض الموقف بالنسبة لتجربة محمود تريزيجيه المنتظرة مع أستون فيلا الإنجليزي، حيث سيكون اللاعب في حاجة إلى مزيد من الوقت، من أجل تحقيق عنصر الانسجام مع اللعبة في الدوري الإنجليزي الذي انضم إليه اللاعب مؤخرًا، بعد انتهاء رحلته مع قاسم باشا التركي.

المثير في الأمر أيضا في هذا الصدد أن لجنة شئون اللاعبين ارتضت بالرضوخ لمطالب بعض الأندية الكبيرة، التي ترغب في تدعيم صفوفها بلاعبين أجانب، في ظل ضعف «القماشة» في الكرة المصرية في السنوات الأخيرة، ومن ثم صدر قرار اعتبار لاعب شمال أفريقيا كمحلي، مع أحقية قيد 6 لاعبين أجانب، على أن تكون المحصلة في النهاية قيد 5 أجانب، وإعارة ثنائى أجنبي يبقى على ذمة الأندية أيضا.

رضوخ لجنة شئون اللاعبين والمسئولين في اتحاد الكرة لهذا الأمر، جاء رغم درايتهم أيضا بضعف المستوى العام لهذا الجيل من اللاعبين، وعدم وجود عناصر محلية مبشرة قادرة على إعادة الاستقرار لمنتخبنا الوطني، بعد فضيحة كأس العالم الأخير في روسيا، واحتلال المركز 31 بين المنتخبات الوطنية، بجانب الخروج مبكرًا من أمم أفريقيا التي قمنا بتنظيمها مؤخرًا في مصر من دور الـ16، رغم كل الإمكانيات التي توافرت للجهاز الفني، وهذا الجيل من اللاعبين الذين لم يقدروا المسئولية الملقاة على عاتقهم.

موسم هروب الشركات الراعية
لم يكن الموسم المنقضى الذي حصد لقب الأفشل في تاريخ الكرة المصرية ليس فقط بسبب طول مدته، ولكن لمؤجلاته وعدم استقراره هو الخسارة الوحيدة التي استقبلتها المنظومة الرياضية، ولكن يبقى المشهد ضبابيًا للغاية أيضًا في العلاقة التي تربط الأندية بالشركات الراعية، في ظل الأزمات المالية التي تعاني منها الشركات، والتي بدورها لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها مع الأندية وتحديدًا في ظل العقود المالية المرتفعة للغاية.

هناك أسباب بالجملة تبقى ظاهرة بقوة في هذا الملف، حيث جاء عدم انتظام المسابقات بجانب غياب الجماهير عن الملاعب بجانب الخروج المهين من أمم أفريقيا ليجبر الشركات الراعية على الهروب من تعاقداتها مع الأندية سواء بفسخ التعاقد أو بالتباطؤ في تسديد العقود، أو بطلب تقليصها بما يتناسب مع ضعف المسابقات المحلية، وعدم انتظامها، وأيضا غياب الجماهير، حيث بدأت الشركات الراعية تحويل اتجاهاتها إلى الإعلان من خلال إعلانات الطرق، أو في الوسائل الأخرى كالتليفزيون والراديو بعيدًا عن الملاعب والاستادات وملاعب التدريب في الأندية، ولم ولن يتوقف الأمر عند السابق ذكره، بل سيمتد أيضا إلى إقدام الأندية على تقليص عقودها مع اللاعبين، في ظل الأرقام الخيالية التي وصلت لها قيمة العقود، بسبب الطفرة الرقمية التي حدثت الموسم المنقضى بعد التعاقدات التي أبرمها نادي بيراميدز معها وتحول سوق الانتقالات إلى ساحة خيال رقمي لم تشهده الكرة المصرية من قبل.

بعض نجوم الكرة المصرية وصلت عقودهم مع بعض الأندية إلى ما يزيد على 20 مليون جنيه، رغم أن بعض هؤلاء اللاعبين لم يشاركوا من الأساس سوى في عدد قليل من المباريات مع أنديتهم، ومن ثم كان قرار بعض الشركات الراعية بالتراجع عن عقودها مع الأندية والتي وصلت إلى مليارات الجنيهات وهو القرار الذي سيترتب عليه إقدام بعض الأندية على تخفيض عقودها خاصة في ظل الأزمة المالية التي تضرب الاندية المصرية بشكل كبير هذه الفترة ومع انهيار السوق الرياضى في مصر بعد الفشل الذريع الذي تعرض له منتخبنا الوطني في أمم أفريقيا الأخير الذي شهد وداع البطولة مبكرًا بعد الخسارة أمام جنوب أفريقيا بهدف دون رد في دور الـ16 من البطولة بالشكل الذي أجهض أحلام الجميع داخل المنظومة الرياضية المصرية في إحداث طفرة تسويقية رقمية على كافة الاصعدة في ظل خيبة الأمل التي صدرها الفراعنة للمسئولين عقب إخفاق أمم أفريقيا الأخير.

"كارت أصفر" لأصحاب "الراية والصفارة"
تبقى ظاهرة استقدام الحكام الأجانب في الدوري المصري في الموسم المنقضى واحدة من أخطر الظواهر المسيئة في تاريخ هذا الموسم الكروي، الذي شهد استقدام قضاة ملاعب «خواجات» بشكل مبالغ فيه، ما أثر سلبًا على سمعة الحكام المصريين الذين غابوا عن المحافل الدولية، بل وفقدوا الثقة في أنفسهم بعد أن باتوا بمثابة مصدر رفض من جانب أغلب الأندية التي بدأت المطالبة باستقدام حكام أجانب لمبارياتها العادية وليست المصيرية، كما كان يحدث في وقت سابق، بالشكل الذي أبعد الحكام المحللين عن الساحة بل إن البعض منهم بدأ التفكير جديًا في الاعتزال، وتعليق صافرته التحكيمية، ردًا على الإهانات التي يتعرض لها في بعض المباريات، وتجميده في بعض الأوقات إرضاء لبعض الأندية التي تصب غضبها على أغلب الحكام الوطنيين، وتبدأ المطالبة بضرورة إسناد مبارياتها لحكام أجانب.

اتحاد الكرة برئاسة هاني ابوريدة قبل استقالته في أعقاب الفضيحة الأفريقية بالخروج من كأس الأمم مؤخرًا أمام جنوب أفريقيا من دور الـ16 بعد الخسارة بهدف دون رد ساهم بشكل كبير في انتشار بل زيادة ظاهرة الحكام الأجانب، بعد أن وضع تسعيرة مقبولة لأغلب الأندية بشأن استقدام حكام أجانب قيمتهم 25 ألف دولار للأجانب و15 ألف دولار للحكام العرب، وهو ما دفع أغلب الأندية لتسديد «الفيزيتا» لضمان ابتعاد الحكام المصريين عن إدارة المباريات، بالشكل الذي أفقد الحكام المصريين ثقتهم في أنفسهم ومع استمرار الأمر غابوا أيضا عن البطولات الكبري، كما بات الأمر غامضا بشأن المواهب المبشرة في التحكيم، الذي يعتبر جزءا أصيلا من المنظومة الرياضية في مصر، والذي لا يبحث أحد عن تطويره على الإطلاق، بل يجتهد الجميع لتدميره والتخليص عليه، من خلال استقدام حكام أجانب حتى في المباريات الروتينية العادية التي لا تحتاج إلى حكام «خواجات».

ويبقى نادي بيراميدز صاحب مبادرة استقدام حكام أجانب لجميع مبارياته في الدوري هذا الموسم بالشكل الذي دفع العديد من الأندية إلى تقليده، بعد أن فقد الجميع الثقة في الحكام المصريين الذين يخوضون معسكرات تدريبية وتثقيفية متقدمة في بداية كل موسم وفى النهاية يتم تجميدهم من أجل استقدام حكام أجانب.

مباراة القمة الأخيرة بين الأهلي والزمالك والتي تبقى بمثابة «تحصيل حاصل» بعد أن حسم الأهلي الدوري لصالحه في مباراة المقاولون الأسبوع الماضى كان من الممكن أن يديرها طاقم تحكيم وطني، في خطوة كانت ستعيد الثقة كثيرًا في حكامنا، ولكن الإصرار على استقدام حكام أجانب أمر ينذر باستمرار تلك الظاهرة الموسم الجديد بالشكل الذي سيؤثر سلبًا على مستقبل التحكيم المصري.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية