لعنة التصريحات المعادية لمصر تصيب أردوغان.. يخسر المدن الكبرى في انتخابات المحليات.. انشقاقات في "العدالة والتنمية".. أبرز رفاقه يتخلون عنه.. والتضخم والانكماش والبطالة تهدد عرش "السلطان العثمانلى"
أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة الماضية تصريحات ضد مصر، تعكس حقيقة ارتباطه بتنظيم الإخوان الإرهابي، واحتضانه لنشر الفكر المتطرف الذي صاغته الجماعة، كما تنم هذه التصريحات عن حقد دفين تجاه ما يحققه الشعب المصري وقيادته من مكتسبات ونجاحات.
التجاوزات الداخلية
وكشفت هذه التصريحات رغبة أردوغان في التغطية على تجاوزاته الداخلية، والدخول في مهاترات عبثية لخدمة وضعه الانتخابي والتي باتت مكشوفة، خاصة بعد خسارته رئاسة بلديات المدن الرئيسية أمام المعارضة هذا العام، مثل العاصمة أنقرة وأكبر مدينة تركية إسطنبول، ويواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحديًا جديدًا يتمثّل بحلفاء قدامى يسعون إلى الانشقاق عن حزب العدالة والتنمية وتأسيس أحزابهم الخاصة.
ويبدو أن الاتحاد المقدس حول الرئيس التركي قد بدأ بالتصدع، كما تظهر الخطوات غير المسبوقة لرئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو ووزير الاقتصاد السابق على باباجان، فقد انتقد الاثنان في الأسابيع الأخيرة توجهات تركيا تحت إدارة أردوغان.
داوود أوغلو وباباجان
وأعطت هذه التصريحات مصداقية لشائعات لا تنفك تتصاعد، تشير إلى نية داوود أوغلو وباباجان اللذين كانا من الشخصيات الرئيسة المحيطة بأردوغان فيما مضى، تشكيل حزبيهما الخاصين لتحدي حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 17 عامًا.
وقام باباجان بالخطوة الأولى في الثامن من يوليو، حيث أعلن باباجان الذي يحظى باحترام شديد في الأوساط الاقتصادية، ويعزى إليه الفضل في النجاح الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية في العقد الأول من حكمه، استقالته من الحزب، آخذًا عليه "التضحية" بالمبادئ، ومشيرًا إلى الحاجة لـ"رؤية جديدة" لتركيا.
ومع بلوغ التضخم في تركيا نسبة 15،7% والانكماش 2،6% في الربع الأول من عام 2019 والبطالة 13%، يرى العديد من الأتراك أن باباجان هو الرجل القادر على إيجاد الحلول لمشكلات البلاد، ويعتبرونه البديل المناسب لأردوغان الذي تنتهي ولايته الحالية في 2023.
وبعد عشرة أيام على إعلان باباجان، خرج داوود أوغلو عن صمته المعتاد، وقام بمقابلة لأكثر من ثلاث ساعات بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، ألمح خلالها إلى أنه هو أيضًا جاهز لتشكيل حزب جديد.
لكن أردوغان قلل من أهمية التهديد الذي يشكّله الرجلان، فيما يرى خبراء أنه لن يقف مكتوف اليدين أمام الانشقاقات.
وترى ليسل هينتز من جامعة جون هوبكينز أن أردوغان "قد يحارب كل ما يرى فيه تهديد للهيمنة التي يجسدها". ولدعم رأيها، تذكر هينتز أمثلة احتجاز الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش منذ 2016، المعارض بشدة لأردوغان، بالإضافة إلى المحاكمات الجارية لشخصيات من المجتمع المدني ومعارضين لحزب العدالة والتنمية.
وعندما غادر منصبه كرئيس للوزراء في 2016 بعد نحو عامين من توليه، تعهد داوود أوغلو بعدم انتقاد أردوغان علنًا، لكن مقابلته المطولة أظهرت أنه لن يلتزم الصمت بشأن ما ينظر إليه على أنه أوجه قصور داخل العدالة والتنمية. لكن داوود أوغلو الشخصية الانقسامية بعيدا عن التأكد من جر أعضاء آخرين من العدالة والتنمية، إذا اختار تأسيس حزب جديد.
تأسيس تيّار منشق
في المقابل، يمكن لباباجان بالفعل أن يعتمد، وفق الإعلام التركي، على دعم شخصية بارزة أخرى في حزب العدالة والتنمية، هي الرئيس السابق عبد الله غول من أجل تأسيس تيّار منشقّ. وخلال إحدى المقابلات، أبدى أردوغان استياءه من مشاريع رفاق دربه السابقين، وقال "إذا لم نشعر بخيبة أمل منهم، فممن إذًا سنشعر بخيبة أمل؟".
لكن الخبيرة هينتز تعتبر أن نجاح حزب يؤسسه باباجان "يعتمد على الأرجح على مدى قدرته على تقديم خطط ملموسة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والفوارق الاجتماعية"، وترى أن أمام باباجان "فرصة في تعبئة يمين الوسط التركي، بالاعتماد خصوصًا على الاستياء العام من الإثراء الشخصي لقادة حزب العدالة والتنمية بينما الاقتصاد التركي يغرق في أزمة".
وفاز أردوغان وحزب العدالة والتنمية بكل الانتخابات التي أجريت منذ عام 2002. لكن في الانتخابات البلدية الأخيرة، خسر أردوغان وحزبه إسطنبول، القلب النابض للاقتصاد التركي، كما العاصمة أنقرة، ومدن كبرى أخرى. ورغم هذه الانتكاسات، يتمتع أردوغان بقاعدة وفية مؤيدة له، خصوصًا في المحافظات البعيدة عن المركز، وفق إيمري أردوغان من جامعة بيلغي في إسطنبول.
ويرى الباحث أن بروز شخصية منشقة عن حزب العدالة والتنمية كخصم جديد قد يكون له أثر "تدميري" لأردوغان في الانتخابات المقبلة المقررة عام 2023، مع العلم أن على المرشح للرئاسة أن يحصل على أكثر من 50% من الأصوات للفوز.