للتاريخ
كعادته حرص الدكتور "عبد المنعم بن منصور الحسني" وزير الإعلام العمانى على الالتقاء بممثلين عن الإعلام المصري أثناء زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي، وفي أجواء أسرية تحدث الوزير حديث النفس إلى النفس، فهو القائل عندما نأتى إلى القاهرة فإننا ننتقل من البيت إلى البيت، مثمنا دور القاهرة بفكرها وثقافتها ووعيها بقضايا أمتها باعتبارها قلب العروبة ونبض الأمة وجزءا لا يتجزأ من هويتها.
والمتابع لتفاعلات الوزير العماني مع الميديا ورجالها من الشرق والغرب، يدرك أنه أمام مثقف عربي يعي قضايا أمته، وقضايا الإعلام بكل تشكيلاته وتصنيفاته، حيث تأتي إطلالاته كمثقف عربي يضع يده على الجرح، ويشخص الدواء، ولماذا لا وهو أستاذ الإعلام بجامعة "السلطان قابوس"، الذي درس في مدارس تجربة النهضة العمانية، وجامعاتها بكل ما أوتيت من عمق وخبرة الحياد والهوية، فبدأت تؤتي ثمارها بجوائز عالمية في الأدب والفن والثقافة.
والدكتور "عبد المنعم بن منصور الحسني" حصل على الماجستير والدكتوراه من أعرق الجامعات البريطانية، وتؤثر فيه هواية التصوير التي جعلته صاحب رؤية، فالعدسة لا تلتقط إلا اللحظة المؤثرة التي تترك بصماتها في النفس، وتتعدى تأثيراتها حدود المكان والزمان، وتعيش نبضا حيا يحرك المشاعر الإنسانية حول قضية أو ملف ما، فكما يقولون الصورة بألف كلمة، وهي كائن حي قادر على الحياة لعصور طويلة.
وزير الإعلام العماني انتقل من خانة الهواية إلى الاحتراف، فحصل على جوائز عالمية في التصوير، وأصبحت في عهده جمعية المصورين العمانيين على القمة، في مسابقات دولية تحصد الجوائز، وتقدم صورة راقية عن تجربة النهضة في عمان، تتنقل بين الماضى والحاضر بعيون ثاقبة، لديها القدرة على الإسهام الحضاري الذي يعد المسئولية الكبرى التي آمن بها "بن منصور" ولا يزال يحمل تفاصيلها إلى العالم كافة.
وتبدو واقعية وزير الإعلام العماني وإيمانه بالقفزة المدهشة في وسائل التواصل الاجتماعي، ليصبح ناشطا مهما في هذا المحيط، يتبادل الرؤى مع وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية من خلالها، حاملا مبادرة على درجة عالية من الأهمية، تحت شعار "أنسنة الإعلام" وهي المبادرة التي تلزم القائم بالاتصال أداء عمله وتقديم رسالته انطلاقا من إنسانيته في مواجهة ما أسماه عصر الضجيج الإعلامي.
ومن القضايا التي تشغل الوزير العمانى سيل الكذب، ومخالب السبق التي تعبث بها قوي الشر في الإعلام، حاملا لواء "الثقافة خشبة خلاص العالم".. كل تلك الرؤى ترسخت في عقلية الوزير العمانى، انطلاقا من تجربة النهضة التي مضى عليها ثمانية وأربعين عاما، رسم خطاها السلطان "قابوس بن سعيد"، منذ توليه مقاليد الحكم في بلاده، فأصبحت واحة للتعايش، وقبول الآخر، وتأكيد الهوية، والتعاطى مع آليات التقدم والمدنية الحديثة، وفق ميزان حساس، جعل من سلطنة عمان روحا للحوار، وجسرا للتواصل بين المختلفين في محيطها الإقليمي والدولى والعربى.
هذه الأرضية الخصبة فرضت وجودها بين محافل العالم، فأصبحت سلطنة عمان وجها حضاريا حاضرا، بقوة في معارض الكتاب العالمية، كما فرضت على الوزير العماني أن يجوب الأرض شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، لينقل رسالة بلاده إلى العالم، فأتت أكلها وأينعت ثمارها وأصبحت نموذجا يحتذى.
وأخيرا عندما يشيد مثقف بحجم وقدرات وزير الإعلام العمانى بدور الإعلام المصرى في الماضى والحاضر، فإننا أمام شهادة للتاريخ نظن أننا كنا بحاجة إليها في وقت تصب فيه نيران الغضب على إعلامنا، دون أن نذكر له ما قدم من أعمال لأمته ووطنه وللعالم أجمع.