الثانوية العامة وبداية جديدة
ظهرت نتائج الثانوية العامة ونبارك إلى كل الناجحين وحظ أفضل لكل من لم يحالفهم الحظ لمحاولة أخرى، بكل التصميم والمثابرة على اجتياز هذه المرحلة، التي نبدأ بعدها مرحلة أخرى مهمة ومختلفة من التخصص بما يضيف إلينا الكثير من العلوم والمعرفة.
التنسيق هذا الأسبوع ونظرا لارتفاع مستويات النجاح وبالتالي له أثره على ارتفاع حدود التنسيق للكليات والمعاهد، ونظرا لأننا دوما نتحدث عن حدود القبول لكليات معينة يطلقون عليها كليات القمة جعلت أبناءنا يسعون إليها للحصول على لقب طبيب أو مهندس لما له من وجاهة وتفاخر، بدلا من أن يقوموا بالبحث عما يليق بمهاراتهم وإمكانياتهم التي تؤهلهم إلى تخصصات أخرى يكتب الله لهم فيها التفوق والنجاح.
الضغوط على الأبناء لا شك أنها كبيرة وأن الأهالي يريدون لأبنائهم الأفضل، بل يريدون أن يكونوا أفضل منهم في مشوار الحياة، ولا شك أن تلك الضغوط قد تدفع طالبا إلى دراسة ما لا يحب دراسته ولكن الأهل يريدون هذا المسار، وخصوصا مهن الأطباء والمهندسين الذين يريدون استمرار عياداتهم ومكاتبهم الهندسية، ويرون أن هذا هو الميراث الذي سيكملون فيه مسيرتهم.
أتذكر في عام 1988 عندما كنت في الثانوية العامة كان لي زميل يريد الالتحاق بكلية التجارة وكان والده أستاذا في كلية الطب وأراد له أن يكون طبيبا مثله، ونظرا لأن المجموع لم يصل إلى الحد الذي يسمح بدخول كلية الطب قام الابن بدراسة السنة الأولى في الطب من إحدى الجامعات في دولة المجر ثم عاد إلى مصر في السنة الثانية، وأتم دراسته إلى أن ورث عيادة والده وفى نفس تخصصه.
ولكن للأسف ليس ذلك ما يريده الابن ولم يكن لديه القدرة أن يرفض ما يريده الوالد، ومرت السنين إلى أن أصبح عمل الابن لا يطيقه وتدهورت حالته وساءت سمعة العيادة من بعد أبيه رحمه الله عليه ولكن ليس له رأى الآن.. لم يعد لديه القدرة على تعديل مسار حياته أو الرجوع للخلف ليعدل قراره، وفى رأى الشخصي أن الأهل قد يجنوا على حياة أبنائهم ولا يستطيع الأبناء أن يغيروا من حالهم شيئا.
أرجو من كل أب وأم أن يتركوا أبناءهم لاختياراتهم، فقط يعرفونهم الطريق، ويرى كل طالب طريقه الذي يعرف فيه جيدا قدراته فإن التفوق الحقيقي ليس إحراز مجموع عالي في الثانوية العامة إنما التقدم الحقيقي هو إتقان التخصص، والرسالة إلى كل من يريد تعديل مسار تخصصه قم بذلك الآن وقم بالعمل الذي تحبه قبل مرور السنين.. فما زال هناك فرص علينا أن نستغلها سريعا.