تفاصيل الاعتماد على القطاع الخاص في إدارة خدمات متاحف ومناطق الآثار.. «أوراسكوم» تتولى تطوير منطقة الأهرامات.. وتحالفات عالمية تتقدم بطلبات لتشغيل المناطق التجارية بالمتحف الكبير
يبقى ملف إدارة الخدمات بالمناطق الأثرية والمتاحف التحدي الأكبر بالنسبة لوزارة الآثار خلال الفترة المقبلة، وذلك لعدم توفيقها في إدارة هذا الملف خلال السنوات الماضية، الأمر الذي صاحبه انتقادات كثيرة للوزارة التي فضل مسئولوها إسناد هذا الملف لشركات القطاع الخاص عن طريق الطرح العام لاختيار أفضل عرض، وذلك لإظهار المناطق الأثرية بمظهر يوفر كل متطلبات الزائرين سواء الأجانب أو المصريين ويحميهم من الاستغلال في بعض الأحيان.
المناطق الأثرية المفتوحة مثل الأهرامات كانت شبه منعدمة المرافق للزائرين إلى جانب انتشار الباعة الجائلين والخيالة والجمالة بها، ما دفع البعض لوصفها بأنها حديقة حيوان مفتوحة وهذا ما سينتهي بافتتاح مشروع تطوير هضبة الأهرامات وجعلها منطقة أثرية سياحية من الطراز الأول ولذلك استعانت وزارة الآثار بشركة أوراسكوم للاستثمار، حيث أعلنت وزارة الآثار، عن العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع حيث يتم لأول مرة في تاريخ مصر التوجه للتعاقد مع القطاع الخاص لإدارة مناطق الخدمات الخاصة بالمناطق الأثرية، وذلك في المتحف المصري الكبير ومنطقة الأهرامات.
إدارة خدمات الأهرامات
ووقع المجلس الأعلى للآثار، عقدا مع شركة أوراسكوم للاستثمار لتقديم وتشغيل خدمات الزائرين بمنطقة أهرامات الجيزة، على أن يتولى المجلس الأعلى للآثار -وحده دون غيره- إدارة المنطقة بالكامل، وذلك في إطار حرص الدولة على الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للزائرين المصريين والعرب والأجانب بهضبة أهرامات الجيزة، التي تعد واحدة من أهم المقاصد السياحية في العالم، والتي تفتقر إلى الخدمات الأساسية اللائقة لاستقبال الزائرين، وذلك بعد فترة مفاوضات استمرت قرابة العام، وبعد موافقة مجلس الوزراء.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن الخدمات موضوع التعاقد تشمل التسويق والترويج للمنطقة، وتشغيل ساحة انتظار الحافلات خارج المنطقة الأثرية أمام المدخل الجديد الواقع على طريق الفيوم (حيث سيمنع دخول السيارات والأتوبيسات السياحية داخل المنطقة الأثرية)، مع قيام الشركة بتوفير وتشغيل وصيانة وسائل انتقال للزائرين داخل المنطقة (٣٠ أتوبيسا و٢٠ عربة تعمل بالكهرباء والطاقة صديقة للبيئة للحفاظ على المنطقة الأثرية)، كما تقوم الشركة بتشغيل وصيانة الخدمات المقدمة بمركز الزوار الجديد بمدخل الفيوم الجديد، والذي يضم مجموعة من المحال والكافيتريات وقاعة عرض سينمائي (يخضع محتوى الأفلام المعروضة لإشراف المجلس الأعلى للآثار).
وتزود الشركة المنطقة بـ٢٠ دورة مياه متنقلة، ومركز طبي متنقل للزائرين، مع استحداث خدمات الوجبات السريعة والمأكولات والمشروبات بالمنطقة (في الأماكن التي يحددها ويوافق عليها المجلس الأعلي للآثار)، واستحداث أنشطة ترفيهية أمام ساحة انتظار المدخل الجديد بطريق الفيوم (خارج المنطقة الأثرية).
وتنظم الشركة وتروج للفعاليات -بعد التنسيق مع المجلس الأعلى للآثار-، واستحداث وسائل خدمات عالية التقنية للزائرين مثل الواي فاي، وخدمات رقمية كدليل للزوار وتطبيقات هاتفية، وطباعة، وتوزيع خرائط إرشادية للزائرين، وتقديم خدمات مميزة لكبار الزوار، مع استحداث أكشاك تصوير ورسم للزائرين.
وتلتزم الشركة بالتعاقد مع شركة نظافة خاصة، وشركة أخرى لتأمين أماكن خدمات الزائرين فقط، مع استمرار وزارة الداخلية وأمن المجلس الأعلى للآثار وحدهما بتأمين الموقع العام والزائرين والمنطقة الأثرية والآثار.
ويشمل العقد تدريب الشركة أصحاب الحرف والخيالة والجمالة والباعة والمصورين وأصحاب عربيّات الجر (الحناطير) الموجودين حاليا بالمنطقة الأثرية لرفع كفاءة تعاملهم مع السائحين، والعمل على توفير مصدر دخل لهم، وتوفير زي خاص بهم داخل المنطقة الأثرية وفي الأماكن المخصصة لهم، مع شراء حناطير جديدة وتوفير أكشاك لائقة لبيع العاديات والهدايا التذكارية.
وأكد "وزيري" أن توفير مثل هذه الخدمات لأول مرة للزائرين، من خلال شركة مصرية متخصصة، يعتبر نقلة نوعية للمنطقة بما يضمن وضع نظام متكامل يشعر معه الزائر بالسهولة واليسر، سواء من حيث الدخول والخروج، والتنقل بكافة أرجاء المنطقة، والتمتع بالخدمات في ظل منظومة متكاملة تحترم البيئة الأثرية للموقع، وتحت الإشراف الكامل للمجلس الأعلى للآثار، ووفقا للقوانين واللوائح المنظمة.
ويضمن التعاقد حصول المجلس الأعلى للآثار على نصف صافي الأرباح المحققة من الأنشطة والخدمات المستحدثة، والخدمات المقدمة بمركز الزوار - وبضمان حد أدنى مالي متفق عليه تلتزم الشركة بسداده للمجلس حتى لو لم تحقق أرباحا- ويحق للمجلس اختيار أي جهة يحددها لمراجعة الحسابات، والإشراف على تنفيذ بنود التعاقد لضمان حقوق المجلس، كما يحق للمجلس إنهاء التعاقد مع الشركة في أي وقت حال إخلالها بأي من التزاماتها وواجباتها المنصوص عليها بالعقد.
ويؤكد العقد استمرار المجلس الأعلى للآثار في الاحتفاظ -وحده دون غيره- بكامل إيرادات تذاكر الزيارة من الأجانب والمصريين (وكذلك خدمة الأتوبيسات الجديدة داخل المنطقة الأثرية، حيث ستكون جزءا من تذكرة الدخول)، وله الحق دون غيره في تحديد أسعار تذاكر دخول المنطقة طبقا لقانون حماية الآثار، ولا تحصل الشركة على أي نسبة من إيراد تذاكر دخول المنطقة أو أي أثر بها، وعليه، فإن المجلس مسئول وحده عن توفير الأجهزة اللازمة لتحصيل رسوم دخول المنطقة الأثرية بمعرفة موظفيه، حيث إن إيراد التذاكر يؤول إليه وحده، ويتولى المجلس توفير العمالة والمستلزمات الخاصة بتأمين الموقع والمنطقة الأثرية والآثار ومركز الزوار.
يذكر أن وزارة الآثار انتهت من كافة الأعمال الهندسية لمشروع تطوير هضبة أهرامات الجيزة، ذلك المشروع الضخم الذي بدأ عام ٢٠٠٩، وتعثر من ٢٠١١ حتى استئناف الأعمال به تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة نهاية ٢٠١٧.
الفرص الاستثمارية
وأشارت وزارة الآثار إلى التعاون بين الوزارات الأخرى وخاصة وزارة الاستثمار والتعاون الدولي في دعم المتاحف المصرية سواء عبر توفير التمويل الدولي لتطوير المتاحف والمناطق الأثرية، وجذب الاستثمارات لقطاع الآثار، وتدرس وزارة الآثار تعميم تجربة الاعتماد على القطاع الخاص في إدارة الخدمات بباقي المناطق الأثرية.
وانتهى تحالف الشركات الدولية Hill-Ehaf-PWC-Lord من إعداد مستندات الطرح الخاصة بإدارة وتشغيل خدمات المتحف المصرى الكبير، وجار الانتهاء من إنشائه ليكون أكبر متحف ومقصد سياحى وثقافى وترفيهي متكامل لجذب شعوب العالم.
وقالت وزارة الآثار إن إعداد هذه المستندات استغرق عدة أشهر نظرًا للطبيعة الخاصة والفريدة لهذا المشروع الثقافى القومى الكبير، وتمت مراجعة سلامة الإجراء تحت إشراف اللجنة الخماسية المشكلة بقرار من دولة رئيس مجلس الوزراء برئاسة اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، وبعضوية ممثلين من كل من وزارة الآثار ووزارة المالية ووزارة الاستثمار والتعاون الدولى ومجلس الدولة، كما راجع هذه المستندات فريق عمل متخصص من المكتب الهندسى والمكتب القانوني الداعمين لهيئة المتحف المصرى الكبير، وذلك بالإضافة إلى مجموعة من الخبراء في مجالات الاستثمار والاقتصاد وإدارة الأعمال والعقود الدولية وخبراء من قبل هيئة التعاون الدولى اليابانية (JICA).
وأشار اللواء عاطف مفتاح إلى أن هذه المستندات سيتم تسليمها إلى التحالفات والشركات الدولية السابق تأهيلها والتي تضم أربعة تحالفات: تحالف شركات مصرى-إنجليزي تحالف شركات مصرى-إيطالى تحالف شركات مصري-أمريكي تحالف شركات مصري-فرنسي وشركة من الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف اللواء مفتاح أنه ستتم دعوة الشركات والتحالفات الخمس المؤهلة إلى لقاء جماعى بالمتحف المصرى الكبير في أوائل شهر أغسطس المقبل في حضور قيادات وزارة الآثار والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وممثلين عن التحالف الدولى والمكاتب المتخصصة والخبراء ممن قاموا بإعداد ومراجعة مستندات الطرح، وذلك للرد على الاستفسارات والإيضاحات المتعلقة بهذه المستندات، وذلك تمهيدًا لاختيار افضل تحالف دولى / شركة لتولي مهام إدارة وتشغيل خدمات المتحف المصرى الكبير والمخطط له أن يفتتح خلال الربع الأخير من عام 2020.