بلطجة في البحر.. تركيا تنفذ مخطط السيطرة على ثروات شرق المتوسط.. وأوروبا تستعد لوقف جنون «أردوغان».. أنقرة تستبيح السواحل القبرصية.. وأستاذ قانون دولي: الغرب لن يكتفي بالتنديد
لا يدخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهدا في ممارسة البلطجة الدولية، خاصة في منطقة شرق البحر المتوسط التي ترى أنقرة أن بإمكانها بسط نفوذها عليها واستغلال ثرواتها دون مراعاة للقوانين والمواثيق الدولية واتفاقيات ترسيم الحدود، والضرب بسيادة واستقلالية الدول المجاورة لها عرض الحائط، دون الوضع في اعتبارها وجود سلطة أو رقابة تكبح جماحها الملتوي.
ثروة النفط
ويزخر شرق المتوسط بثروات نفطية متعددة، فبحسب دراسات جيولوجية، يقدر الاحتياطي النفطي فيه بنحو 1.7 تريليون برميل، بالإضافة إلى 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، في حين تؤكد تقارير أخرى أن الأرقام الحقيقية تزيد عن الأرقام سالفة الذكر بنسبة كبيرة، ولم تخف تلك الثروات عن أعين تركيا على مدار السنوات الماضية.
وتتوزع ثروات شرق المتوسط بين الدول المحيطة به وتشمل مصر وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان وتركيا، بما دعا إلى ضرورة القيام بعملية ترسيم للمناطق الاقتصادية من شرق المتوسط، لتحديد نطاق الكشف والتنقيب لكل دولة دون التعدي على ثروات تخص دولة أخرى، وتحقيق التقسيم العادل لتلك الثروات.
لعنة التصريحات المعادية لمصر تصيب أردوغان
تركيا تتحرك
من هنا تحركت تركيا بإرسال سفن تنقيب عن الغاز للسواحل القبرصية، وأعلنت بشكل رسمي عن طريق وزارة خارجيتها، إرسال سفينتي تنقيب، الأولى في مايو باسم «فاتح»، والثانية في 20 يونيو باسم «يافوز»، زاعمة أنها تستند لأسس شرعية، ووصل الحال بها إلى أن طالبت من كافة الجهات الدولية بعدم التعليق على عمليات التنقيب التي تقوم بها، حسبما قال مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي.
تحذير أوروبي
ووجه الاتحاد الأوروبي تحذيرًا شديد اللهجة لتركيا بشأن عمليات التنقيب، مؤكدًا أنها تقوم بـ«تصعيد غير مقبول» في المنطقة، واصفًا أنشطتها في شرق المتوسط بـ«غير المشروعة»، بينما أعلن المجلس الأوروبي بشكل واضح أنه حاليًا بصدد النظر في اتخاذ الإجراءات المناسبة للرد على الانتهاكات التركية، والتحرك لحماية السواحل القبرصية.
وعبرت مصر عن قلقها بشأن عمليات التنقيب التركية في سواحل قبرص، التي من شأنها أن تزيد من درجة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، مطالبة بضرورة عدم التصعيد من الجانب التركي والالتزام باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامة، كما طالبت واشنطن في بيان للبيت الأبيض، بضرورة وقف العمليات الاستفزازية التركية في شرق المتوسط، داعية إلى ضرورة ضبط النفس والامتناع عن الأعمال التي تساهم في تصعيد التوتر.
خرق القانون
من جانبه، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن تركيا هي الدولة الوحيدة التي لم تعين حدودها البحرية حتى الآن في شرق البحر المتوسط، وهذا يعكس الاستثنائية في الموقف القانوني التركي، وتزعم تركيا في ذات الوقت أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، ليست ملزمة لتركيا بحسبان أنها -أي تركيا- ليست طرفا في هذه الاتفاقية، موضحًا أن هذه الادعاءات التركية المرسلة مرفوضة، حيث إن القانون الدولي للبحار لا يقتصر على هذه الاتفاقية وحسب، ولكن أيضا على اتفاقية جنيف لعام 1958م فضلا عن العديد من الممارسات الدولية التي تعد عرفًا دوليًا بحريًا تم تقنين معظمه في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وأضاف «سلامة» أن التصريحات الرسمية التركية المتواترة تدعي بأن التنقيب والاستكشاف والحفر التركي في المناطق البحرية القبرصية أو اليونانية هو تنقيب شرعي، حيث يتم تنقيب واستكشاف وحفر شرعي عن الغاز، حيث تزعم تركيا أن هذه المناطق إما مناطق بحرية تخضع للسيادة التركية أو أنها تخضع لسيادة ما يسمى بـ«قبرص التركية»، والتي لا تعترف بها أي دولة في العالم إلا تركيا ذاتها.
وتابع: «تأسيسا على التصريحات الرسمية لتركيا فتركيا ذاتها لا تدرك ما إذا كانت المناطق البحرية التي تحفر وتنقب وتستكشف عن الغاز فيها تخضع لأية سيادة، تركيا تجهل من الدولة صاحبة الولاية أو السيادة على المناطق البحرية التي تنقب وتستكشف وتحفر السفن التركية فيها».
وأشار إلى أن تركيا -استثناءً- هي الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي ترسل سفنها البحرية المدنية بغرض الاستكشاف أو التنقيب أو الحفر للغاز، ويرافق هذه السفن بارجات ومدمرات حربية مسلحة في سابقة تركية خطيرة.
القوة المسلحة
وأوضح أن مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي لن يكتفيا بالبيانات التنديدية التي صدرت عنهما في فبراير 2018م وفي مايو ويوليو 2019م، ولا التهديدات الأخيرة لتركيا، ولكن وفقًا لمصادر أوروبية مسئولة، فإن لم تذعن تركيا لحكم القانون وعلاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون السيادية للدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة وعدم التهديد باستخدام القوة المسلحة فضلا عن الحفاظ على استقلال والسيادة الإقليمية للدول ذات السيادة والسلطان أعضاء منظمة الأمم المتحدة وتحديدا كلا من الجمهورية القبرصية والجمهورية اليونانية، فإن الاتحاد الأوروبي سيقوم عاجلا لا آجلا، بفرض جزاءات على الأشخاص والشركات والهيئات المتعاونة مع تركيا في الانتهاكات الخطيرة الأخيرة في شرق المتوسط، وسيعلق المفاوضات وزراء الاتحاد الأوروبي مع تركيا حول اتفاقيات الطيران فضلا عن مراجعة القوانين التنظيمية والائتمانية لبنك الاستثمار للاتحاد الأوروبي بشأن الديون الممنوحة من البنك إلى تركيا.
"نقلا عن العدد الورقي...."