رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ المربي الكامل


نحن في زمن كثُر فيه أدعياءُ العلم وأشباهُ العلماء وأدعياءُ المشيخة، خاصة فيما يتعلق بتربية المريدين وسالكي طريق الله تعالى، وأصحاب الفتاوى الضالة المضلة، التي على أثرها أُبيحت دماء الأبرياء وأُريقت دماء طاهرة ذكية، وانتُهكت حرمات الله تعالى.


وللأسف، ندُر وجود العالم الرباني صاحب العلم والبصيرة الفقيه العالم بأحكام الشريعة وتعاليمها، المُلم بأسباب نزول آيات كتاب الله تعالى، والعالم بمحكم آياته ومتشابهه وناسخه ومنسوخه، وأمره ونهيه والعالم الدارس بالفهم الصحيح للسنة النبوية المطهرة القولية والفعلية والتقريرية..

هذا، ولقد أصبح الدين تجارة رابحة لأصحاب النفوس المريضة الذين تسممت قلوبهم وأنفسهم المريضة بحب الدنيا، وللأسف أصبح غالبية شيوخ التربية المنتمين للطرق الصوفية مرضى، وبعضهم جعل من المشيخة سبوبة يتعايش ويترزق منها. ومعظمهم لم يسلكوا طريق الله تعالى، وقلوبهم معتلة بحب الدنيا، وكم منهم من أساء للطريق ولأهل الفضل الذين أسسوا لمنهج التصوف، وكانوا رجال بحق صدقوا في حالهم مع الله عز وجل وأخلصوا الوجهة له..

من هنا، ولأجل ذلك، وجب التعريف لمن تأخذ منه وعنه الفتوى، ولمن يصلح لتربية أنفس المريدين سالكي طريق الله تعالى من المشايخ الكُمل الورثة المحمديين أعلام الشريعة ومنارات الطريقة، وأهل الحقيقة، ومن خلال هذا المقال سوف أتحدث عن من هو الشيخ المربي الكامل الذي يؤخذ عنه الطريق إلى الله تعالى أولا، ثم أُفرد مقالًا عمن تؤخذ عنه الفتوى.. الشيخ المربي الكامل الذي يؤخذ عنه الطريق.. له ثلاثة أركان وأربع فرائض واثنتا عشرة صفة..

الأركان الثلاثة هي أن يدل على الله تعالى بقوله وفعله وحاله، كما أشار سيدي إبن عطاء الله السكندري، رضي الله عنه، بقوله: "شيخك من ينهض بك حاله ويدلك على الله مقاله"..

والفرائض الأربع هي: "أن يكن عالما في علوم الشريعة، وأن يكون سالكا للطريقة عالما بدروب الطريق إلى الله تعالى، خبيرا بعلل النفس البشرية وأمراضها، عليما بالداء والدواء، وان يكون من المتحققين صاحب بصيرة على بينة من ربه عز وجل. وأن يكن عارفا بعلم الطبائع حتى يعطي المريد ما يناسب طبعه من الأسماء..

وأما عن الاثنتي عشرة صفة التي يتصف بها، فهي: صفتان من الله تعالى، وهما: العلم والسر، وصفتان من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، وهي: الشفقة والرحمة، وصفتان من سيدنا أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وهما: الصدق والتصديق، وصفتان من سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهما: الزهد والشجاعة، وصفتان من سيدنا عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وهما: الحياء والكرم.. وصفتان من سيدنا الإمام على بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وهما: العلم والعمل..
 هذه هي أوصاف الشيخ المربي الكامل الذي يسلم له المريد باطمئنان.. ويندر وجوده في هذا الزمان، فمن أكرمه الله تعالى وأسعده وجمعه عليه، فليحرص على صحبته، ويلزم الأدب معه، والطاعة والتسليم له..
الجريدة الرسمية