رئيس التحرير
عصام كامل

التسامح مع المتحرشين!


نشأت وأنا أعرف أن الله غفور رحيم، يمحو الذنوب جميعا بعد أن يتوقف عنها الإنسان ويشرع في الطريق القويم.. وأتاحت خبرة الحياة لى أن أعرف أيضا أن الإنسان يحتاج لفرصة جديدة بعد أن يدرك أخطاءه أو خطاياه.. لكننى أعرف أيضا أن الحساب على الأخطاء والخطايا ضرورة بشرية لتستقيم الحياة وليسود العدل بين البشر، وأيضًا لردع كل من تسول له نفسه ارتكاب أخطاء وخطايا.


وأعرف أيضا أن هناك أخطاء وخطايا لا يمكن إعفاء صاحبها من العقاب عليها بحجة التسامح ومنحه فرصة جديدة، حتى لو اعتذر علنا عما فعله أو ارتكبه من أخطاء، وإلا كنّا عفونا عمن قتل أو مارس عنفا، بعد أن يقدم لنا اعتذارا عما فعله.. هنا لا مجال للتسامح، لأن هذا التسامح في هذه الحالة هو نوع من القبول بهذه الأخطاء أو الخطايا، وتشجيع لمن ارتكبها وتسامحها معه على تكرارها، وأيضًا تشجيع غيره على مجاراته.

ولكن يمكن تخفيف العقوبة على من ارتكب الأخطاء والخطايا مراعاة لظروف مرتكب الأخطاء والخطايا، إذا كانت هذه الظروف تقتضى ذلك.

أما أن يتخذ اتحاد الكرة ورئيسه قرارا متأخرا بعقاب اللاعب "عمرو وردة" على فعل تحرش قام به، ثم يتراجع تحت ضغط زملائه اللاعبين فقد ارتكب هنا جريمة لا تقل عن جريمة اللاعب وهى التحرش، وهى الجريمة التي اعترف بها ضمنا وهو يقدم اعتذاره العلنى لاتحاد الكرة ورئيسه.

إن اتحاد الكرة خسر كثيرا ومعه المجتمع كله بذلك، حينما بدا أنه اتخذ عقوبة صارمة ضد اللاعب قبل أن يجرى تحقيقا بشأنها، وحينما تراجع عن كل هذه العقوبة ولم يكتف بتخفيضها، أي ألغاها كلها، ليبدو أنه ضعيف وإدارته لشئون اللعبة مهزوزة ولا تستند إلى المبادئ أو تتبع قواعد علم الإدارة، وليبدو أنه أيضا تسامح مع التحرش والعنف ضد النساء، تحت دعوى الفرصة الثانية، وأن اللاعب اعتذر عما فعله ووعد بعدم تكرار فعلته!

يا سادة يا كبار، إن ما فعلتوه أفدح مما فعله اللاعب الصغير، وسوف يكون له آثاره الشديدة السوء ليس على منتخبنا، وإنما على صورة مصر كلها في عيون الأشقاء الأفارقة، وعيون العالم كله الذي لا يتسامح مع التحرش بالنساء مثلما فعل اتحاد الكرة لدينا.
الجريدة الرسمية