حقوق الجار وصباح الخير
وصلتني رسالة من أحد القراء الكرام يقول فيها:
أعيش في حي سكني راقٍ في شرق مدينة القاهرة الجديدة منذ 3 سنوات، وللأسف أعيش في عزلة شبه تامة، وصلت حد الخصوصية فيها إلى أن كل مالك منعزل لا يقترب منه أحد، ولا يتقرب لأحد، ولا يتحدث مع أحد، والناس تخاف من بعضها، وأي مشكلة تنشأ تجد رد فعل غير محسوب من قبل..
وللأسف الناس تعتبرنا من المحظوظين بالعيش هنا، ولكن للأسف نحن كمن يعيش هنا داخل سجن، بل داخل سجون بلا أسوار، وصلت بى إلى حد الاكتئاب، فليتنا نرجع مرة أخرى إلى المكان الذي تربينا فيه على الإخاء والمودة والمشاركة في الأحزان والأفراح معا.
عندما توفى أبى لم أجد أحدا ليعزينا كما كنا في الماضي، حيث كان أهل المتوفى لا يفعلون شيئا في مصابهم، وكان الجيران يقومون بكل شيء من أول إجراءات مكتب الصحة، وليس انتهاء بإرسال الطعام لمنزل أهل المتوفى، ونحن هنا لا نجد من يقدم حتى واجب العزاء، وللأمانة لا أريد أن أعمم ذلك على الناس جميعا، إلا أن ما رأيته من سلوكيات في المجتمعات المغلقة يبدو على خلاف ما توقعناه فيه، وقد يتبادر إلى الذهن أن العيب قد يكون عندي، ولكنى أؤكد لسيادتكم أن كل علاقاتي بالآخرين محترمة.
صباح الخير بين الجيران للأسف غير موجودة، فكل من يقول صباح الخير لأحد يتخيل أنه سيطلب منه شيئا، أو أن له غرضا منه، وفى الغالب لا يرد أحد على أحد صباحا إلا نادرا، والكثير منهم يتعمد أن يسرع في طريقه لكى لا يلتفت، وهذا له تأثير صعب على الفرد، فقد يغلق لك يومك كله، ولا تستطيع حتى أن تعيش وأنت تشعر أنك في مجتمع يتعالى على بعضه، ويشعرون أنهم أفضل ممن سواهم، ويبحثون عن السعادة في الخصوصية التي ضلت بهم إلى سجون بلا أسوار.
البعض يبحث عن تربية أكثر الكلاب شراسة للدفاع عنهم، وكأنهم في غابة ليهدد أطفالك إذا ما خرجوا، وأصبح الفضاء والخضرة لا يمكنك الاستمتاع بها، لأنه في أي لحظة قد يفتك بك كلب شرس لا تقدر حتى أن تحاسب صاحبه.
ومع ذلك كله لا نستطيع أن نغير حياتنا بسهولة، ولذلك فإن هناك حقيقة مشكلة كبيرة في المعاملات بين الناس، فلم نعد فقط لا نسمع بعضنا، ولكن أساسا البعض لا يريد أن يكون بيننا حتى لغة حوار.
انتهت رسالة القارئ الكريم الذي أتوجه له بخالص الشكر على رسالته، وأود أن أقول إن ما تحدثت عنه هو ليس فقط في المجتمعات المغلقة، إنما أصبح موجودا بصفة عامة، ولا أريد أن أعمم ذلك، فمازال الخير موجودا في الناس وسيستمر إلى يوم القيامة.. أملنا معا أن نخلق غدا أفضل عندما نحترم بعضنا البعض.