وجع الرحيل
عرفته في العاصمة الغانية أكرا.. شابا يافعا، كريما، شهما، متأنقا، يحمل في قسمات وجهه كل علامات الطيبة وتبدو تصرفاته وكأنه للنموذج المصري الفاصل بين لحظات الجد ولحظات الهزل.. عن الدكتور "علاء دراز" المستثمر المصري الشاب أحدثكم.. هو ابن واحد من أهم رجال الأعمال المصريين في غانا، والذي استطاع في سنوات عمره المقضية بين العواصم والبلاد أن يستقر ويضع لنفسه مكانة في مجتمع الأعمال الأفريقي في العاصمة الغانية.
"علاء" هو الابن الأكبر للدكتور "سعيد دراز"، وكان علاء يرقب والده في كل المهام التي أوكلت إليه، ونجح فيها واستطاع أن يصبح نموذجا هاديا للكثير من شباب مصر الذين ذهبوا إلى غانا؛ بحثا عن فرص استثمارية لاستعادة أمجاد مصر وقدرتها وإرادتها في قلب أفريقيا.. كان شابا بشوشا كريما معطاءً، يضعف بعاطفته أمام كل ماهو مصري.. ترى ذلك بوضوح عندما يلقاك ويتجول بك بين معالم العاصمة الغانية، وهو يشرح لك بفخر دور مصر في غانا في ستينيات القرن الماضي.
كان "علاء" كنسمة صيف عابرة.. لا تراه إلا وابتسامة ترسم بالأمل ملامح جبهته.. تضيق عيناه خجلا وهو يتحدث إليك.. لا تغادره قسمات الخجل حتى وأنت صديقه المقرب.. نموذجا للشاب المصري المجتهد.. كان سندا لوالده في أعماله المتعددة.. يجوب شمال غانا وجنوبها متابعا لأهم مشروع صحي تقوم به مجموعة والده هناك، وعندما يعود إلى العاصمة يقضي معظم وقته بين الفنيين والعمال والخبراء داخل ثاني أكبر مصفاة ذهب في أفريقيا، والتي أنشأها الأب المؤسس الدكتور "سعيد دراز".
ولأنه كان خفيفا لطيفا، عطوفا، رقيقا كان رحيله مثل حياته.. رحل دون معاناة.. دون مساحة من الوداع.. نام "علاء".. في الصباح كان الموت قد غيبه عن أهله وأصدقائه وأحبابه وزملائه.. رحل عن دنيانا كما جاء.. رحل ليترك في نفوسنا جرحا عميقا.. وألما وشجنا وذكريات لا تزال تحمل من صوته، واحدة من أهم صفاته.. الأمل الذي يترسب في نفوس البشر، وكأن الحياة أبدية.. كان علاء دراز أملا يمشي على الأرض.