بعد عملة "ليبرا" هل يتحول فيس بوك إلى إمبراطورية رقمية؟
أطلق فيس بوك عملة اسمها "ليبرا" ونظاما مصرفيا اسمه "كاليبرا" ليخدم مليار و700 مليون مشترك عبر العالم لا تصلهم خدمات مصرفية. هل تغيّر علامة لايك على الفضاء الأزرق النظام المصرفي الدولي وأنظمة الضرائب وأسواق العملات؟لا ندري إن كانت شارات الإبهام المرفوع أو الوجه الغاضب أو الحزين أو الضاحك أو المتعجب أو القلب الأحمر المحب في ايموجيات فيس بوك الشهيرة ستتحول إلى وحدات ليبرا على فيس بوك، لاسيما أنّ هناك حسابات كبرى يصل عدد متابعيها إلى ملايين؟
الإعلان الذي صدر عن فيس بوك هذا الأسبوع حول عزمه إطلاق عملة مشفرة باسم "ليبرا" يسجل أحدث تطور ضمن جهود الشركة للتوسع خارج قطاع التواصل الاجتماعي ودخول مجالات التجارة الإلكترونية والمدفوعات العالمية.
من الناحية الاقتصادية، وتمهيدا لهذا المشروع العملاق، فقد تحالف فيس بوك مع 28 شريكا في إطار كيان مقره جنيف يدعى "رابطة ليبرا"، التي ستشرف على العملة الرقمية الجديدة المقرر إطلاقها في النصف الأول من 2020، وفقا لمواد تسويقية ومقابلات مع مسؤولين تنفيذيين.
محفظة "مصرف كالبيرا" تهديد لكل مصارف العالم!
أنشأت فيس بوك أيضا وحدة (مصرفًا) تحت اسم "كاليبرا"، ستطرح محافظ رقمية لحفظ وحدات ليبرا وتحويلها وإنفاقها توضع لدى كل متعامل بهذه العملة، وهكذا سيكون مصرفا بمليارات الحسابات الشخصية. وسيجري ربط كاليبرا بمنصتي تراسل فيس بوك: ماسنجر وواتس آب، اللتين تضمان أكثر من مليار مستخدم.
تضع الشركة التي مقرها مينلو بارك، كاليفورنيا آمالا عظيمة على ليبرا، لكن المخاوف المتعلقة بخصوصية المستهلك والحواجز التنظيمية قد تنطوي على عقبات كبيرة، ويأمل فيس بوك ألا يقتصر استخدام العملة على المعاملات بين المستهلكين والشركات القائمة في أنحاء العالم، بل أن تتيح أيضا للمستهلكين غير المشمولين بالخدمات المصرفية فرصة الاستفادة من الخدمات المالية للمرة الأولى.
"الحرية والعدالة والمال" تقابلها انتقادات!
وقال ديفيد ماركوس، المسئول التنفيذي السابق في "باي بال Paypal" الذي يرأس مشروع عملة فيس بوك الجديدة، إن الاسم "ليبرا" مستوحى من وحدة موازين رومانية وبرج الميزان الفلكي - رمز العدالة - وكلمة "حرية" باللغة الفرنسية، موضحًا "الحرية والعدالة والمال، هذا بالضبط هو ما نحاول القيام به هنا".
وتعالت أصوات ناقدة للمشروع في فرنسا وألمانيا، فالنائب عن حزب الخضر في ألمانيا دانيال باياز اعتبر أن ما قام به فيس بوك سيشكل ضغوطًا على المصارف المركزية عبر العالم، وعلى منظمي الشئون المالية بما يجبرهم على الدخول بشكل واسع عالم النقد الرقمي. وذهب إلى القول" سيشمل هذا أسئلة حول إصدار العملات، وقيم تبادل العملات، علاوة على خلقه صعوبات كبرى أمام جهود مكافحة غسيل الأموال، وسيخلق مشكلات في آليات حماية المستهلك والمستثمر".
إذا نجحت خطة عملاق الفضاء الأزرق، فسيكون بوسع مستخدمي تطبيق فيس بوك التسوق الإلكتروني بتداول عملة ليبرا، وليس بتداول العملات الدولية كما يجري الآن، وهو ما يعني تغيرا في ميزان العملة عبر التاريخ، فالنقود على مدى التاريخ كانت وثائق ووحدات تبادل لتقييم الأشياء تصدر عن الدول حصرا، وفجأة في الألفية الثالثة ستكسر مؤسسة مارك زوكيربيرغ هذا الاحتكار، وتنشر عملة افتراضية وليست ورقية أو معدنية أو ذهبية لتقييم وبيع وشراء الأشياء. والأخطر من كل ذلك، أنّ كل هذا سيجري في قنوات يملكها فيس بوك، وهي مسنجر وواتس آب وإنستجرام، وهو بهذا مشروع مغلق، وهذا بعينه ما تتخوف منه أوساط دولية عدة.
تفاؤل واسع إزاء مساحة مخاوف كبرى
دادي دكاش الخبيرة في الإعلام الرقمي والأمن السايبري، تحدثت من بيروت إلى DW عربية مؤكدة أنّ التسويق سيتحسن بشكل كبير بهذه الخطوة "أنا كمعلنة، أنظر إلى الجانب الإيجابي في هذا الأمر، فمن يُعلن على فيس بوك يجب أن يكون لديه حساب مصرفي، وهناك عملات تذهب لتغطية التعاقدات التي تتم بين المشتري والبائع، علاوة على عمولات الإعلان وعمولات النقل وعمولات فرعية أخرى، وكل هذا يعني أموالا تذهب إلى المصارف، أما بإصدار ليبرا، فسيكون الدفع مرة واحدة داخل فيس بوك، وهذا سيقلص إلى حد كبير من مستوى الفائدة الخارجية".
لكن المخاوف من فكرة الأخ الأكبر الذي يفعل كل شيء ويراقب كل شيء ويشرف على كل أفعالنا والذي طالما تحدثت عنه قصص الخيال العلمي باتت أقرب للحقيقة بإطلاق هذا المشروع، وهو خوف مبرر سينتاب كثيرين، حتى تتبلور علاقة العالم بعملة "ليبرا" ومصارف "كاليبرا" الجديدة التي سيكون لديها فروع عند كل مشترك له حساب بهذه العملة.
ملهم الملائكة / رويترز، DW
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل