كأس الأمم الأفريقية.. كيف أنقذ السيسي البطولة من المجهول؟.. دور عبدالناصر في تنظيم دورة السودان.. "مبارك" أكثر المستفيدين من البطولات الأفريقية.. ونجلاه استغلاها لتحقيق أهداف سياسية
على الرغم من أنها منافسة رياضية بين المنتخبات، لكن تمتلك بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم وجهًا سياسيًا ظهر منذ تأسيس الاتحاد الإفريقيى لكرة القدم "كاف".
وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر صاحب فكرة تنظيم أول بطولة أفريقية عام 1957 في السودان وساهم في إنشاء "الكاف" وتبرع له بمقر بجوار النادي الأهلي.
كما استضافت مصر البطولة الأفريقية عام 1974 خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات واستفاد الرئيس الأسبق حسنى مبارك من البطولة التي فازت بها مصر في عهده 5 مرات أعوام 1986 و1998 و2006 و2008 و2010.
وفى النسخة التي ستقام في مصر من 21 يونيو وحتى 19 يوليو فقد تدخلت مصر لاستضافة البطولة بعد سحبها من الكاميرون وسط دعم من الرئيس عبدالفتاح السيسي للانتهاء من الاستعدادات التنظيمية في موعدها.
«دور عبدالناصر»
الرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة، وكرة القدم من اللعبات التي حظيت باهتمام كبير من القادة السياسيين على مدار عصور متفاوتة، فاللعبة الشعبية الأشهر كانت حاضرة وبقوة في ملعب السياسة منذ التفكير لأول مرة في تنظيم بطولة للمنتخبات الأفريقية، كان ذلك عام 1955 حين أدرك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أهمية "الساحرة المستديرة" في تجميع شعوب القارة السوداء.
كان عبد الناصر -وفقا لروايات متواترة- من المهتمين بكرة القدم، ويقال إنه كان يشجع النادي الأهلي، لكنه كان ينظر إلى اللعبة من منظور مختلف، كان يراها قادرة على مد جسور التعاون بين الشعوب، ويمكن استخدامها في أغراض سياسية حتى وإن كان ظاهرها الرياضة، ولم يكن الزعيم الراحل مقتنعا بأن تقتصر المنافسة في الكرة على الأهلي والزمالك، وفكر في أن تكون اللعبة نواة لجمع القارة حوله، وتعميق علاقات مصر الأفريقية من خلال اللعبة الشعبية الأولى، ونبتت في ذهنه فكرة تنظيم أول بطولة أمم أفريقية.
قبلها بأشهر قليلة أعطى ناصر أوامره للمصري عبد العزيز سالم، أول رئيس للاتحاد الأفريقى، ونجم الكرة الشهير محمد لطيف للتحرك ووضع اللبنات الأولى لتأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وفي العاصمة البرتغالية لشبونة عقد سالم ولطيف اجتماعا بمسئولين رياضيين في كل من السودان وجنوب أفريقيا وعدد آخر من الدول الأفريقية للاتفاق على خطوات تأسيس "الكاف".
بعد مشاورات واجتماعات متواصلة، تم تأسيس الاتحاد وتبرع عبد الناصر بمقر له في منطقة الجزيرة بالقرب من مقر النادي الأهلي والاتحاد المصري لكرة القدم، ومن يومها بدأ التجهيز لأول بطولة أمم أفريقيا، ووقع الاختيار على السودان لتستضيف فعاليات البطولة في أوائل عام 1957، والتي لم يشارك فيها سوى 3 دول فقط هي مصر وإثيوبيا والسودان صاحبة الأرض، بعد استبعاد دولة جنوب أفريقيا لأسباب سياسية مرتبطة بأوضاع داخلية كانت تشهدها جوهانسبرج وقتها.
وحظيت البطولة الأولى باهتمام كبير من القيادة السياسية في مصر والسودان، وكان هناك تواصل دائم بين الجانبين لإنجاح البطولة وخروجها بشكل يشجع بقية الدول على المشاركة في الدورات التالية، ونجح المنتخب المصري في الفوز بتلك البطولة والتي لعب فيها مباراتين فقط سجل فيها سبعة أهداف، مما يجعلها الأقل في العدد الإجمالي للأهداف والمباريات في تاريخ بطولات الأمم الأفريقية.
خاضت مصر المباراة الافتتاحية أمام السودان وفازت بهدفين مقابل هدف على صاحب الأرض، وأحرز رأفت عطية وأحمد دياب العطار "ديبة" هدفي مصر، بينما أحرز برعي أحمد البشير هدف السودان لتتأهل مصر إلى الدور النهائي وتقابل إثيوبيا التي تأهلت للنهائي مباشرة بعد استبعاد جنوب أفريقيا، وحصدت مصر البطولة بنتيجة 4-0 أحرزها "ديبة" هداف البطولة حينها برصيد 5 أهداف.
بعد النجاح الملحوظ لأول بطولة أمم أفريقية كرر عبد الناصر التجربة مرة أخرى وكانت القاهرة هي المحطة الثانية التي استضافت فعاليات البطولة، وقتها لم يكن تم إنشاء إستاد القاهرة ووقع الاختيار على إستاد التتش المملوك للنادي الأهلي لإقامة البطولة بين جنباته، وشارك بها نفس المنتخبات الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا)، وأقيمت بنظام المجموعة الواحدة.
المرافقة أن تلك البطولة التي استضافتها مصر كانت أول بطولة تقام في فصل الصيف وبالتحديد في نهاية شهر مايو عام 1959، وكان هناك حرص واهتمام كبير من الرئيس جمال عبد الناصر شخصيا بمبارايات البطولة وبتقديم كافة سبل الراحة للفرق المشاركة فيها لدرجة أن المشير عبد الحكيم عامر حضر بنفسه المباراة الافتتاحية بين منتخبي مصر وإثيوبيا، بل أصر أيضا على أن يلعب هو شخصيا ضربة البداية.. وفازت مصر بأربعة أهداف نظيفة سجل محمود الجوهري ثلاثة منها وميمى الشربينى هدفا.
ويحكي الناقد الرياضي ياسر أيوب في إحدى مقالاته كواليس ما جرى ليلة المباراة النهائية في تلك البطولة والتي أقيمت بين مصر والسودان قائلا: "زار المشير عامر المنتخب المصرى ليلة المباراة أمام السودان، وقال لهم ضاحكا إن الرئيس عبد الناصر يتعامل مع الأمر ببساطة، وأنه يتعامل مع السودان كأنها مصر، وليس من المهم من يفوز منهما بالبطولة، لكنه -أي المشير- يريد البطولة وكأسها، ولو لم تفز مصر بالبطولة فسيقدم المشير عامر كل لاعبي المنتخب لمحاكمة عسكرية".
ويتابع "أيوب" ساخرا: "الحمد لله نجا لاعبو المنتخب من المحاكمة العسكرية بعد فوزهم بالبطولة بقيادة المدرب المجرى بال تيتكوس، وسجل عصام بهيج هدفا تقدمت به مصر، وتعادل صديق منزول للسودان في الشوط الثاني قبل أن يسجل عصام بهيج هدفه الثاني وهدف البطولة لمصر، وكانت تلك أول بطولة رسمية للكرة المصرية بعدما أصبح المشير عامر رئيسا لاتحاد الكرة، وأصبح محمود الجوهرى هو هداف البطولة ليصبح في عام 1998 أول أفريقي يفوز بكأس الأمم الأفريقية، لاعبا ومدربا".
بمجرد انتهاء فعاليات البطولة، وخوفا من تكرار أزمة عدم وجود ملاعب لاستضافة الفعاليات الأفريقية مستقبلا، أعطى جمال عبد الناصر تعليمات مشددة بسرعة الانتهاء من بناء إستاد ناصر الذي تم تغيير اسمه فيما بعد إلى إستاد القاهرة الدولي، وعهدت الدولة المصرية ببنائه إلى المهندس الألماني فيرنر مارشك، وكان أول ملعب حينها يحمل المعايير الأوليمبية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وفي احتفالات أعياد الثورة عام 1960 افتتح عبد الناصر الملعب الذي بدأت فكرة بنائه قبلها بعدة سنوات على يد طبيب مصري، وذلك بعد أن نشرت مجلة المصور العريقة تقريرا عام 1948 لطبيب مصري يدعى طاهر باشا بعنوان "القاهرة العاصمة التي ليس بها إستاد".
وأكد أيوب في مقاله أن اللجنة المصرية للرياضة خططت عام 1936 لبناء الملعب ودعت المهندس الألماني الذي صمم الملعب الأوليمبي في برلين لزيارة القاهرة وتم إدراج الملعب في خطط التنفيذ خلال 5 سنوات وتجهيز ميزانية قيمتها 200 ألف جنيه، لكن وزارة المالية قامت بحذف اعتماد هذا المبلغ الذي تم إدراجه في ميزانية وزارة الشئون بسبب ما وصفته بارتفاع ثمن الأرض ليتأخر ظهور إستاد القاهرة للنور لعدة سنوات.
الغريب أن الإستاد الذي بناه ناصر لم يستضف أي بطولات في عهده، وكانت أول بطولة يستقبلها عام 1974 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد شهور قليلة من انتصار السادس من أكتوبر عام 1973.
في سنوات حرب الاستنزاف، كان عبد الناصر من أول الزعماء السياسيين الذين ربطوا الرياضة بالسياسة، وكانت فلسفته أن كرة القدم وإن كان الهدف منها متعة الجماهير إلا أنه يمكن استغلالها لتحقيق أهداف وطنية نبيلة، كان من بينها المساهمة في تسليح الجيش المصري من خلال تخصيص جزء من عوائد مباريات الدوري المصري لذلك الهدف، وهي مبادرة لقت استجابة فورية قوية من اتحاد الكرة المصري وناديي الأهلي والزمالك باعتبارهما الأندية الأكثر جماهيرية في مصر.
عقب نصر أكتوبر المجيد بأشهر قليلة كانت سحب الحرب ما زالت تكسو سماء القاهرة وعدة مدن مصرية، وكان الرئيس الراحل أنور السادات يبحث مخرج يعيد الأجواء إلى طبيعتها، كان النشاط الكروى متوقفا بسبب الحرب، ودخلت الأندية المصري في بيت شتوي لا تعرف له نهاية بسبب تطور الأحداث، لكن السادات بذكائه السياسي كان يرى أن كرة القدم هي الحل الأمثل لدوران عجلة الحياة، لكن ماذا يفعل؟ هنا كان القرار الجريء، لماذا لا تنظم مصر بطولة الأمم الأفريقية؟ وتكون البطولة رسالة للعالم كله أن القاهرة نفضت عن نفسها غبار الحرب وبدأت مرحلة البناء بعد سنوات عجاف عاشتها في سبيل استرداد أرضها من المحتل المغتصب الكيان الصهيوني.
لم يكن قرار تنظيم بطولة كبيرة بهذا الحجم أمرا سهلا، لذلك حين عرض السادات الأمر على كبار مساعديه أبدوا اعتراضهم وأكدوا صعوبة استضافة مصر حدثا بهذا القدر في ذات الوقت لكن السادات كان له رأي آخر، وطالب الجميع بالاستعداد لتنظيم البطولة، وقرر أن يتولى بنفسه دعوة الفرق المشاركة في البطولة.
وصلت تعليمات مشددة إلى اتحاد الكرة بأن الرئيس قرر استضافة مصر لبطولة الأمم الأفريقية 1974، وعلى الجميع الاستعداد، وكانت المهمة الموكلة إلى اتحاد الكرة ثقيلة، فالنشاط كان متوقفا وتكوين منتخب يمثل مصر في البطولة أمر في غاية الصعوبة، خصوصا أن السنوات التي سبقت الحرب لم تكن فيها المسابقة المحلية منتظمة وتحديدا بعد نكسة 1967 وما تلاها في سنوات حرب الاستنزاف.
على كل كانت الأوامر قد صدرت ولم يكن أمام رئيس الجبلاية محمد حلمى زامورا الرئيس التاريخي للزمالك والذي كان يشغل وقتها منصب رئيس اتحاد الكرة سوى تنفيذ التعليمات والبدء في تجميع لاعبي الأهلي والزمالك وبعض الفرق الأخرى لتشكيل منتخب قومي يدافع عن ألوان مصر في البطولة.
ورغم أن الكرة المصرية كانت تعج بالأسماء اللامعة من أمثال حسن شحاتة وفاروق جعفر وعلى أبو جريشة والخطيب ومصطفى عبده وغيرهم كثير، إلا أنها لم تحقق أي إنجاز على المستوى القاري أو الدولي بسبب عجز المنتخب عن لعب أي مباراة خارج مصر نتيجة الأحداث الصعبة التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت.
ترك السادات للحكومة مهمة تجهيز الملاعب وتطوير البنية التحتية والانتهاء من كافة التجهيزات اللازمة، ولاتحاد الكرة مهمة تشكيل المنتخب، وبدأ هو مهمته الأهم في إقناع الفرق الكبرى بالاشتراك في البطولة لضمان نجاحها وخروجها بالمستوى اللائق، وكان منتخب زائير وقتها هو المنتخب الأبرز في القارة، لكن ثمة مشكلات سياسية معقدة بينها وبين القاهرة من أيام الرئيس الراحل عبد الناصر.
سعى السادات منذ البداية إلى إذابة جليد الخلافات مع زائير، وبادر بالخطوة الأولى حين دعا رئيس زئير وقتها بموتو سيسيسكو إلى المشاركة في احتفالات القوات المسلحة بأبطال نصر أكتوبر ويومها حصل على موافقته على مشاركة منتخب بلاده في البطولة.
نجحت تحركات السادات واتصالاته بقادة الدول الأفريقية في الحصول على موافقة أكثر من 7 منتخبات للمشاركة في "الكان"، ولأول مرة شاركت ملاعب 3 محافظات هي القاهرة والإسكندرية ودمياط في استضافة مباريات البطولة، وبلغ إجمالي الفرق المشاركة 8 فرق من بينهم مصر البلد المضيف.
مع انطلاق فعاليات البطولة حقق المنتخب المصري نتائج مبهرة رغم الظروف الصعبة التي صاحبت تشكيله وفاز على أوغندا وزامبيا، وساحل العاج، قبل أن يصطدم في الدور قبل النهائي بمنتخب زئير القوى والذي كان مسيطرا على أفريقيا في ذلك الوقت، وكان عائدا من المشاركة في كأس العالم ويخرج من البطولة محققا المركز الثالث.
ورغم أن السادات كان وفقا لمقربين منه شغوفا بمتابعة كرة القدم إلا أن لم يحضر ولو لمرة واحدة أية مباراة في ملاعب كرة القدم ولم تلتقط له عدسات المصورين صورا في أي إستاد.
في مطلع عام 1986 وتحديدا في نهاية شهر فبراير وقعت أحداث "الأمن المركزي" الشهيرة قبيل أيام قليلة من انطلاق بطولة الأمم الأفريقية التي استضافتها مصر في شهر مارس من العام نفسه، كانت الأجواء الأمنية في القاهرة ملبدة بالغيوم بعد تظاهر عشرات الآلاف من جنود الأمن المركزي في معسكر الجيزة بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي احتجاجا على سوء أوضاعهم، وتسرب شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلى خمس سنوات.
في تلك الفترة استمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع كامل أعلن فيه حظر التجول وانتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة، وتم القبض على العديد من جنود قوات الأمن المركزي وبعد انتهاء هذه الأحداث واستتباب الأمن تم رفع حظر التجوال وأعلن عن إقالة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية آنذاك، وعزل العديد من القيادات الأمنية، واتخذت العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود والحد من أعدادهم ونقل معسكراتهم خارج الكتلة السكنية، كما اتخذت قرارات بتحديد نوعية الجنود الذين يلتحقون بالأمن المركزي مستقبلًا.
كان الرئيس مبارك يريد أن يسيطر على تلك الأحداث في أسرع وقت ممكن خصوصا أن بطولة الأمم الأفريقية كانت على الأبواب، والتقارير التي تخرج من القاهرة في وسائل الإعلام العالمية تشير إلى سوء الأوضاع وعدم استقرارها، لذلك كانت التعليمات واضحة باحتواء غضب المجندين والبحث عن حلول عاجلة للأزمة.
ببعض الخطوات الجادة نجحت الحكومة في امتصاص ثورة المجندين، وبدأت الاستعداد لاستقبال الضيوف وكانت تعليمات الرئاسة واضحة بتذليل كافة العقبات أمام الفرق المشاركة وإخراج البطولة في أفضل شكل ممكن، وبالفعل كانت البطولة فاتحة خير على منتخب مصر الذي وصل إلى المباراة النهائية أمام الكاميرون ونجح في الفوز بالبطولة.
حين وصلت مصر إلى المباراة النهائية في عام 1986 قرر الرئيس مبارك حضور المباراة وتسليم الفريق الفائز كأس البطولة، كانت المباراة عصيبة خصوصا أن الكاميرون كانت تمتلك وقتها جيلا عظيما من اللاعبين الأفذاذ وظلت المباراة معلقة بالتعادل حتى نهايتها واحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي حسمها المنتخب المصري لصالحه وسلم مبارك الكأس لكابتن المنتخب وقتها نجم الأهلي مصطفى عبده.
بعدها بـ12 عاما كان منتخب مصر يستعد للسفر إلى بوركينا فاسو للمشاركة في بطولة الأمم الأفريقية وكان الفريق يخوض معسكرا خارجيا إلى أن تصريحا للمدير الفنى للمنتخب تسبب في أزمة أدت إلى إلغاء المعسكر بقرار سياسي من رئيس الحكومة، وذلك بعد أن أكد الجوهرى في حوار له أن مصر لن تحصل على المركز الـ13 من بين الـ16 فريقا المشارك في البطولة وهو ما أغضب رئيس الوزراء وجعله يتخذ قرارا بإلغاء المعسكر الخارجى توفيرا للنفقات والاكتفاء بمعسكر داخل مصر.
المفاجأة أن المنتخب قدم أداء مبهرا في البطولة ونجح في حصد لقبها على غير المتوقع، وقتها سارع الرئيس السابق حسنى مبارك إلى استقبال المنتخب في المطار لدى عودة الفريق إلى أرض الوطن وأقام حفلا لتكريم اللاعبين ومنحهم الأوسمة الجمهورية.
رغم أن الرئيس مبارك كان أكثر الرؤساء حظا مع المنتخب خصوصا في بطولات الأمم الأفريقية خصوصا أن الفريق فاز في عهده بـ 5 بطولات (1986 - 1998 - 2006 - 2008 - 2010)، إلا أن بطولة 2006 كانت طوق نجاة لنظامه بأكمله من فضيحة غرق عبارة السلام 98 التي غرق على متنها المئات قبيل أيام قليلة من انطلاق فعاليات البطولة التي استضافتها مصر في شتاء هذا العام.
وفي وقت كان يتعرض فيه مبارك ونظام حكمه إلى هجوم ضاري بدأت مباريات البطولة، ونسي الجميع حادث غرق العبارة وانشغلوا بمتابعة مباريات منتخب مصر الذي كان يعج بنجوم من أمثال محمد أبو تريكة ووائل جمعة وعصام الحضري وعماد متعب وحسنى عبد ربه وأحمد حسام ميدو وعمرو زكي، ويوما بعد يوم كانت نتائج الفريق تصب في صالح السياسة، وكانت الأبواق الإعلامية للنظام تشحن الجماهير تجاه البطولة بعيدا عن الإهمال المفزع الذي تكشف في غرق العبارة التي كانت تقل المئات من المصريين العاملين بالمملكة العربية السعودية وغرقت أثناء عودتها إلى ميناء سفاجا.
وبداية من 2006 مرورا ببطولة 2008 وانتهاء ببطولة 2010 انخرط نجلا مبارك جمال وعلاء في كرة القدم، وكانا من أكبر الداعمين للمنتخب الوطنى الذي كان يقوده فنيا المعلم حسن شحاتة المدير الفنى الذي نجح في الفوز بـ3 بطولات أفريقية متتالية في إنجاز غير مسبوق، وفي كل بطولة كان يحققها المنتخب كان الرئيس السابق حاضرا في طليعة المحتفين والمحتفلين بالفريق.
«السيسي ينقذ البطولة»
أما البطولة الحالية "كان 2019" فشهدت صعوبات بالغة وكانت مهددة بالإلغاء بعد انسحاب الكاميرون المفاجئ من تنظيمها، وعدم تقدم المغرب بطلب لاستضافتها، ولولا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لدخلت البطولة نفقا مظلما، فقد أبدى الرئيس المصري تفهما لموقف الاتحاد الأفريقي "كاف" الصعب والورطة التي وجد نفسه فيها ومن هنا جاءت استجابته السريعة لطلب استضافة "الكان" على أرض مصر، خصوصا في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، ورغم دخول جنوب أفريقيا على الخط ومنافستها للقاهرة على استضافة البطولة إلا أن التحركات الرسمية للدولة المصرية لعب دورا مهما في حسم المنافسة وبفارق شاسع حيث حصلت مصر على 16 صوتا مقابل صوت واحد لجنوب أفريقيا من مجموع الدول التي لها حق التصويت.
معركة استضافة "كان 2019" كانت رسالة سياسية واضحة تشير إلى استعادة مصر ريادتها في أفريقيا، وعودتها إلى العمق الأفريقي، خصوصا بعد حالة الجفاء التي تلت أحداث الخامس والعشرين من يناير وما تلاها من تطورات أدت إلى تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي.
وفور الإعلان الرسمي عن إسناد مهمة التنظيم إلى مصر أعطى السيسي تعليمات مشددة للحكومة بسرعة الانتهاء من كافة التجهيزات اللازمة للبطولة وتطوير الملاعب التي ستقام عليها المباريات، وجاءت الزيارات المتتالية لرئيس الوزراء لعدد من الإستادات ترجمة لحرص الرئيس شخصيا على إنجاح البطولة.
وقبل عامين من الآن قدم السيسي لفتة طيبة للاعبي المنتخب الأول، حين أصر على استقبالهم في قصر الاتحادية عقب عودتهم من الجابون، ورغم أن المنتخب لم يحقق لقب البطولة، وحل في المركز الثاني بعد هزيمته في المباراة النهائية أمام الكاميرون إلا أن دعم الرئيس كان حافزا قويا للاعبين، خصوصا في تصفيات المونديال والتي نجح المنتخب في حسمها لصالحه والصعود إلى كأس العالم لأول مرة منذ ما يزيد على الـ28 عاما.
"نقلا عن العدد الورقي..."