رئيس التحرير
عصام كامل

قانون قطري يمنح الإرهابيين حق اللجوء السياسي.. «إقامة مدفوعة الأجر» لأفراد الجماعة وعائلاتهم.. و«اللاجئ» تحت وصاية الدوحة.. يحرض الكتاب والإعلاميين على التمرد والالتحاق بالصفوف الخ

علم قطر
علم قطر

«الملجأ الأكثر آمنًا».. طوال السنوات القليلة الماضية ظل النظام القطري يوفر العناية والرعاية والدعم الكامل لـ«إرهاب الإخوان»، التمويل القطري كان حاضرًا وبقوة في كل تحركات الجماعة، الدوحة تدفع بسخاء حالمة بتنفيذ المخططات الإرهابية التي تسعى الجماعة لتنفيذها في بلدان الشرق الأوسط.


وفقًا لمواقف عدة.. لا تدخر قطر وسعًا في إثبات ولائها لجماعة الإخوان الإرهابية، تتحرك دائما في المكان والتوقيت المناسب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا سيما إذا ما تم التضييق على الجماعة وعناصرها، أو واجهت معضلة تهدد مستقبلها.

«اللجوء السياسي».. طوق جديد ألقته القيادة في الدوحة لجماعة الإخوان الإرهابية، عله ينقذها من الغرق في بحر الرفض الشعبي والرسمي في غالبية دول العالم، حيث أصدرت الإمارة قانون جديد يسمح لعائلات التنظيم، وأسرهم باللجوء والإقامة في قطر، ويمنح كل منهم راتبًا شهريًا 1000 دولار فقط، كما يوفر الحماية للكتاب والصحفيين والإعلاميين، وكل من لديه النية والاستعداد الكافي لفتح نيران إرهابه على أنظمة الحكم في بلاده، ويريد الالتحاق بالصفوف الخلفية للجماعة.

القانون المثير للجدل الذي سعت إلى سنه الجماعة منذ سنوات، يشرعن تواجد أعضائها على الأراض القطرية، ليس هذا فحسب، لكن يمكن القول أنه خطوة كبيرة في طريق الحصول على الجنسية، وبذلك تصبح قطر أول دولة خليجية تصدر تشريعات تعترف بحق اللجوء السياسي.

القانون القطري المشبوه يحظر إعادة لاجئ إلى بلده، بدعوى الخوف من تعريض حياته للخطر، وهو ما يعد ضربة في اتجاهين، من ناحية، يحمي الراغبين في اللجوء إلى الحضن القطرية، ومن ناحية أخرى يضعهم تحت وصايتها ورهن إشارتها، ولا يستطيع أي منهم مغادرتها لأي سبب كان، وما يثبت ذلك، تعنت السلطات القطرية، ضد مواطن يمني تلقى تهديدات من السلطات القطرية بطرده في انتهاك صريح لرسالة القانون الجديد، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، بسبب عدم التزامه بالسياسة القطرية تجاه بلاده الأم، وخروجه عن النص المحدد له.

ما حدث مع المواطن اليمني، حدث مع شاب إخواني مصري، تنكل به السلطات القطرية، بحسب هبة زيادين، الباحثة في مؤسسة «هيومن رايتس ووتش»، التي سربت تقارير تؤكد توصلها إليه، وكشفت عن تفاصيل تواجده في قطر منذ عام 2013، مرورا بتتبعه أمنيا من إدارة البحث والمتابعة بوزارة الداخلية، والضغط عليه لمغادرة البلاد، دون أن تقدم أي سبب واضح لذلك، رغم انتماء المصري لجماعة الإخوان الإرهابية، إلا أن انتماءه للفكر الكمالي، نسبة إلى القيادي الإخواني الراحل محمد كمال، الناقم على السياسات القطرية، والذي يتصور أنه أقوى من الجميع، ولا فواتير عليه يجب أن يدفعها لأحد، ما عرضه لضربات متتالية، من قطر وتركيا على حد سواء.

المثير أن قانون اللجوء الجديد، وحتى يُمكن قطر من حشد أكبر تجمع ممكن من الذخائر البشرية، واستخدامهم في حربها مع جيرانها، وحتى يجعل الجماعة وأذنابها تحت وصاية النظام القطري، قصر اللجوء على القضايا السياسية فقط، ولم يلق بالا ببقية القضايا والإشكاليات التي يجب أن يشملها «أمر اللجوء»، بما في ذلك حالات الاضطهاد على أساس العرق والدين أو الانتماء إلى مجموعات معينة.

كما اكتفى القانون بالحق في النظر في المنغصات الاجتماعية فقط، دون أن يعطي أصحابها نفس الحقوق التي يحصل عليها اللاجئ لأسباب سياسية، والتي حددها في المدافعون عن حقوق الإنسان، والصحفيين وكتاب الرأي والإعلاميين، والمنتسبين إلى أحزاب سياسية أو طوائف دينية أو أقليات عرقية معينة، ولكنهم على خلاف سياسي مع دولهم، كما منح القانون القطري الجديد، ميزة خاصة للقيادات الأمنية التي على خلاف سياسي مع بلدانها، بمنحهم إعانة شهرية ــــ حتى لو حصلوا على عمل ــــ بجانب حقوق الرعاية الصحية التعليم العام المجاني، وجميعها وسائل إغراء من أجل المزيد من المكايدة، وتصعيد الصراع مع معارضيها في المنطقة.

ومنذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، وقطر تعتبر أهم داعم للإخوان، بعد أن كانت أقوى حليف إستراتيجي لنظام الإخوان، خلال العام الذي حكمت فيه الجماعة البلاد، وهذه القرابة جعلت جحافل الإخوان تفضل الهروب على قطر، خلال موسم النزوح الجماعي لقيادات وأعضاء الإخوان بعد فشل اعتصام رابعة وتبخر حلم عودة حكم الجماعة بعد أشهر من التحريض على العنف والتهديد باستباحة الإرهاب لسيناء والتفجير والقتل، وبالتالي يشرعن مثل هذا القانون تواجد الإخوان في قطر، كما يضع القانون القطري أمام قيادات الجماعة الإرهابية جميع الإمكانيات المادية التي يحلمون بها، إلى جانب الحصانة القانونية، بشكل يمكنهم من النجاح في استقطاب وجوه جديدة إلى صفوف الهاربين، وبناء ظهير خلفي من الداخل، يمكن لهم من العودة وقتما سمحت الظروف السياسية والأمنية بذلك.

عناصر من جماعة الإخوان، عبرت عن فرحتها بالانتصار القطري لهم لأكثر من موقع أوروبي، معتبرة أن القانون القطري فرصة يجب اغتنامها، لا سيما وأنهم يحصلون بموجبه على وثائق سفر بديلة للجواز المصري، إلى جانب رواتب شهرية ضخمة، وكذا يوفر لهم حرية التنقل والسفر، ويمنحهم حق السكن والرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل للعائل وأفراد أسرته.

على جانب آخر، يتداول شباب الإخوان روايات خبيثة، داخل التجمعات الإخوانية الصغيرة، تؤكد أن قانون اللجوء القطري يبطل وصاية الجماعة على أبنائها، ويضع مصائرهم في يد الجهات الأمنية القطرية، التي ستتولى توجيههم لمصالح السياسة القطرية، في ظل ضعف قيادة الإخوان، وعدم قدرتها على ابتكار حلول تتماشى مع رغبة المحاور الدولية المساندة لها، في أن تكون الجماعة شوكة أقوى في ظهر الأنظمة الإقليمية، ويدللون على ذلك، بمنح راغبي اللجوء مبالغ كبيرة ومميزات لا تحصى ما يغنيهم عن الأموال الشهرية التي كانت ترسلها إليها الجماعة، ومن خلالها تضمن ولائهم لها، وتشتري صمتهم، مهما كان لهم تحفظات على طريقة الإدارة، أو لهم وجهة نظر في الصراع الدائر داخل صفوف التنظيم.

رواية شباب الإخوان، أكد سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أنها تتفق مع أصل السياسة القطرية، الراسخة منذ نحو عقدين، إذ تستخدم الإمارة الخليجية الجماعة لتحقيق أهدافها، في الوقت الذي تجيد فيه عدم تحمل مسئولية توجه التنظيم، أو مسالكه في العنف، سواء هو أو التيارات الداعمة له، والدائرة في فلكه، كما أوضح «عيد» أن «قطر تنكر دائما علاقتها بالجماعة، على المستوى التنظيمي، ولا يترك مسئول في الخارجية أو شئون الاتصال الحكومي، أي فرصة للحوار مع الإعلام الغربي، إلا ويؤكد أن التعامل مع التنظيم وفق منطلقات إنسانية وحقوقية، دون أن يكون بينهم أي علاقة رسمية».

وأضاف أن «ذلك يحدث رغم تصدى الدوحة إلى جانب إسطنبول، لتوفير الملاذات السياسية والأمنية للقيادات الكبرى في التنظيم، وحتى المتهمة منها باستهداف الأمن القومي العربي، والمتورطين منهم في عمليات عنف وإرهاب على شاكلة الكماليين، والقيادات الداعمة لأجنحة الإرهاب الإخواني حسم ولواء الثورة»، وقال: كما تدعم قطر، الإعلام الإخواني، وتتناوب مع تركيا على توفير دعم مادي قوى لإنشاء منصات إعلامية، تستضيف القيادات المطاردة أمنيًا، بجانب رعايتها لوسائل إعلام تستغل القوانين البريطانية تحديدا للانطلاق من هناك، لضرب المعادين لها في المنطقة من كل حدب وصوب، بجانب تسخير منصاتها الإعلامية الرسمية وعلى رأسها الجزيرة، للتخديم على المنصات الإخوانية في الخارج، سواء بالدعم الفني، أو الإعلامي والمهنى، لعرض المواد التي تنتجها القنوات الإخوانية.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية