"الشعراوي" المفترى عليه
لا أعرف الأسباب الحقيقية حتى الآن لنبش قبر رجل ذهب إلى ما قد قدم، ولا أمتلك شجاعة الاعتراف بأنني لا أحب الشيخ "محمد متولى الشعراوي"، فالرجل له ما له في نفوس الكثيرين، وهو بشر يصيب ويخطئ.
لم يقل يوما إنه ملاك، فالرجل له ماله وعليه ما عليه، ولكن يكفيه خواطره حول القرآن الكريم، والتي أعترف أنها كانت لا تستهويني ولي عليها الكثير من الملاحظات، لكن يكفي الرجل تقريبه لغة القرآن الكريم إلى العامة بأسلوب سهل بسيط حبب القرآن إلى العامة، وزادهم إيمانًا إلى إيمانهم.
فهو كمفسر بحسب كثيرين لا يشق له غبار، أما كرجل دين فإنه قدم صورة ولا أروع لرجال الدين، ليس في مصر فقط بل وسائر أنحاء الوطن العربي، وهو كإنسان فلا عصمة للبشر، لكننا نحسبه -وهذا ظننا الذي يجب أن يكون- على خير، فالرجل اجتهد وأصاب فيما يعلم واجتهد قدر استطاعته فيما لا يعلم.
الشيخ "الشعراوي" رحمه الله لم يقدم نفسه كعالم دين، ولكن كلنا يعلم أن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وهو ما كان، واستطاع الرجل بتوفيق إلهي أن يصل إلى ما كان عليه، والحفاظ على ما وصل إليه من مكان ومكانة، حيث كان مقربا ومحبوبا من الجميع، حتى ممن ناصبهم وناصبوه العداء.
فالرجل لم يأت بجديد من عنده ولم يخترع دينا جديدا، لم يهادن السلطة ولا السلطان ولم يخرج عليه ولو بكلمة، بل إنه سعى دائما إلى إصلاح ذات البين، والدعوة إلى الإصلاح، وقد نال الرجل نصيبه من الدنيا كغيره، مما آتاهم الله من فضله، وتكفيه سيرته العطية التي لا تزال باقية بيننا، وما قدمه من خير لا يزال يجري حتى الآن..
رحم الله الشيخ الجليل، وجمعنا به في مستقر رحمته، نسأل الله له الرحمة وغفران الذنوب، فيكفيه ما تركه من علم وسيرة طيبة ودعوة إلى دين الله، قدم فيها ولها كل ما استطاع، ونسأل الله التوفيق والهداية والرشاد.