الرد على مقال "يحيى حامد" وزير استثمار الإخوان
بعد قراءة المقال غير الموضوعي المنشور في مجلة "فورين بوليسي" لوزير الاستثمار الهارب "يحيى حامد" فهناك تعليقات موضوعية، ولكني سأبدأ بالسؤال الذي دار في ذهني، كيف أصبح هذا الشخص وزيرا للاستثمار في مصر، والأخطر أنه صدق الوهم أنه قادر على إدارة الملف الاقتصادي، ولم يدرك أن اختيار الإخوان لأهل الثقة سبب سقوطهم المدوي..
فـ"يحيى حامد" شغل منصب مدير مبيعات في فودافون مصر أو ما شابه، ومؤهلاته العلمية تبدأ من ليسانس الألسن، ثم دبلومة مبيعات، وماجستير إدارة.. ولكن الموقع الذي أهله للوزارة هو المتحدث الرسمي لحملة مرسي العياط.. بالطبع لم يكن هو المسؤول الفعلي عن الاستثمار، لأن اقتصاد الجماعة والتنظيم الدولي ودعم تركيا وقطر أكبر وأكثر تأثيرا من قدرات "حامد"، ولكن خريج الألسن قادر على التلاعب بالألفاظ والكلمات.
يشكك "حامد" في مصداقية مؤشرات البنك الدولي وفي أرقامه تجاه الاقتصاد المصري، والسؤال له" ماهي المؤشرات البديلة؟..
وعلى الرغم أن المؤشرات ليست كلها إيجابية في صالح مصر وهناك نقاط ضعف، لكن في الإجمالي أشاد صندوق النقد بنجاح الإصلاح الاقتصادي، ووجود تحسن وجهود مستمرة، مع عدة توصيات نحو تمكين المشروعات الصغيرة والقطاع الخاص كشريك نحو التنمية..
والجدير بالذكر أنه ليس هناك مسارا علميا يدعو لإهمال مؤشرات البنك الدولي أو تحليلات المؤسسات الدولية، والأهم أن الدولة تعمل على تحسين نقاط الضعف، وهناك تطور ملحوظ تلمسه المؤشرات في ظل ركود وتباطؤ الاقتصاد العالمي... أن مؤشرات البنك الدولي هي أهم عوامل جذب أمام المستثمر الأجنبي، ولا مجال للنقاش في أسس علمية راسخة..
وليس لها بديل حتى لو سلمنا بتوجهات البنك الدولي سياسيا.
قد تناقش بعض الخبراء منذ سنوات حول حتمية برنامج الإصلاح الاقتصادي، ولكن عندما نرى ما يدور من حروب اقتصادية على المستوى الدولي اليوم يجعلنا ندرك أن الإصلاح كان حتميا، وأن الاقتصاد هو المعركة الفاصلة لبقاء الدولة واستقلالية القرار الاقتصادي وهو مالم يكن في حسابات الإخوان.
يلقي "حامد" الضوء على الحريات السياسية، ويحذر من انفجار الوضع مثل ليبيا، ويهدد أوروبا أنها ستتحمل فاتورة هذا الانفجار من موجات اللاجئين المصريين، ولا يدرك أن ما فعله الإخوان في مصر كان خطرا على العرب وأوروبا والإنسانية، إذا تحولت مصر لدولة داعش، وأن السيسي استطاع احتواء الاٍرهاب الداخلي، وحسب الأبحاث والإحصائيات كان الهدف من العمليات النوعية بث الاضطراب المجتمعي والهلع، ثم فرض السيطرة على سيناء، كما تم في سوريا والعراق وليبيا..
وتم تنفيذ ٢٢٢ عملية في ٢٠١٤، ثم اصبحت ١٩٩ في ٢٠١٦، و٥٠ عملية في ٢٠١٧، وتقلصت إلى ٨ عمليات في ٢٠١٨ منها خمس عمليات بعبوات محلية أو رديئة الصنع، وفشل اغلبها في تحقيق أهدافه... عموما بعد كسر هالة تنظيم داعش على أرض مصر انتهت فكرة السيطرة الكاملة على سيناء، ولهذا يري الغرب السيسي أنه يقوم بعمل عظيم، كما صرح "ترامب" عند سؤاله عن الحريات السياسية في مصر: واَي حريات لتنظيمات همجية تستخدم الديمقراطية ضد الإنسانية...
ولا ننسى أن شبح الحرب الأهلية كان أقرب للواقع في ٢٠١٣ لولا تدخل القوات المسلحة لحماية الثورة... مؤخرا أصدرت مؤسسة "جالوب" الدولية تقريرها السنوى عن الشعور بالأمان في 135 دولة، فجاءت مصر في المرتبة السادسة عشرة دوليا، وصنفت على أنها الأكثر أمانا في أفريقيا، وتفوقت على دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي مصر نفسها التي تمت زراعة داعش فيها بيد جماعة الإخوان.
إن ما يتحدث عنه "حامد" عن سوء الإدارة كان أحد أسبابه القرارات الإخوانية مثل تعيينات حكومية للمحاسيب أكبر من الاحتياج إلى جانب رفع المرتبات بدون إنتاج.. وهو ما علقت عليه المؤسسات الدولية.. ولا ننسى أن سوء الإدارة في مصر موروث مزمن وتاريخي واستفادت منه منظومة الإخوان سياسيا من تعيينات أو تسهيل لأعمال إبان حكم مبارك، ولكن اليوم هناك خطوات جدية نحو التطهير وإعادة الهيكلة والإصلاح الإداري وهو ما لم يفعله الإخوان.
لم ينكر تقرير صندوق النقد أن مستوى الفقر هو أحد التحديات، ولكن يجب أن ندرك خط الفقر هو١.٩ دولار يوميا للفرد، ولكن الفقر نسبي مع الأخذ في الاعتبار أن تكلفة المعيشة في مصر متدنية نسبيا، فهناك دعم على الخبز والطاقة والتعليم والصحة بما يقلل من حدة الفقر، وفي تقرير أصدرته مؤسسة "نومبيو" للبحوث والبيانات عن أرخص الدول في تكلفة المعيشة في العالم جاءت مصر في المرتبة السابعة عالميا.. لا أبرر أن هناك تحديا أمام الحكومة ولكن يجب إدراك الأرقام وتحليلها موضوعيا.
وعن انتقاده لمشروعات البنية التحتية فهل يدرك أن البنية التحتية المتدهورة لمصر تعود بنا إلى عصور غابرة فكانت حاجزا أمام الاستثمار الأجنبي لعقود، ولكن مؤخرا كشف البنك الدولي أن مصر ضمن أفضل 3 دول عربية، هي تونس، ومصر، والإمارات في تطوير الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة بناءً على خطوات الحكومة.. إلى جانب أنه رغم كل ما تم إنجازه من مشروعات طرق وأنفاق وكباري فهناك احتياج أكبر لأن البنك الدولي وضع تقييمًا لجودة البنية التحتية للطرق في ١٠١ دولة، فكانت مصر في المرتبة ٥٠، لذا فهناك خللا ملموسا ونحتاج المزيد من الطرق والكباري حسب احتياجات الاستثمارات الأجنبية.
إن جذب الاستثمار يحتاج اقتصادا سليما، ولا يقاس بكم ضخ الأموال على دوافع سياسية تهدف لتوجيه هوية الدولة نحو الإرهاب والتدمير... لا ألوم "حامد" لأنه ما زال يصدق أنه استحق أن يكون وزير، ولكن هذه السقطة لا تغتفر لمجلة لها تاريخها مثل "الفورين بوليسي"، لأن المقال لا ينتقد الاقتصاد بموضوعية أو على أسس علمية، وإنما هو نقد سياسي مبطن من جماعة الإخوان التي يتم تصنيفها حاليا جماعة إرهابية عالميا خلال الأيام القادمة. خاصة أن الكل يدرك أن الجماعة لن تحكم مصر أبدا... في كل الأحوال إن أي نقد اقتصادي موضوعي يستحق الدراسة والتحليل.