نزيه رزق..المصور العالمي الكفيف (2)
لا تغيب عن ذاكرة نزيه رزق.. أول صورة قام بالتقاطها.. إذ كانت لوالديه من داخل المستشفى، وكانت بعد فقدان بصره مباشرة، وحصوله على الكاميرا، التي أهداها له أحد أصدقائه، كما أسلفنا، وجسدت تحولا كبيرا ومثيرا في حياته.
كما لا ينسى نزيه التعليقات الساخرة والتعبيرات الهازئة، التي اصطدمت بأذنيه من بعض زملائه.. عندما وجدوه يحمل الكاميرا، غير أنه لم يأبه بها ولم ييأس أو يستسلم، بل إن مثل هذه المواقف السلبية زادت من عزيمته، وضاعفت من إصراره، على صناعة ما يمكن وصفه من دون مبالغة بـ"الأسطورة المدهشة."
لاينكر نزيه.. أن الصورة التي يقوم بالتقاطها في بداية احترافه التصوير بدت مهزوزة وضعيفة.. ولكن مع الصبر والإرادة.. بدأ يخرج صورا غاية في الإتقان والإبهار، وذاع صيته، حتى رشحته وزارة الشئون الاجتماعية فى مصر، لتمثيلها في معرض التصوير الفوتوغرافي في العام 1998.
يعترف نزيه.. بأنه لم يكن يميل إلى التصوير أو يهواه، قبل محنة فقد البصر، حيث كان يهوى قيادة السيارات، ولكن القدر تدخل وغيّر مساره تماما، ففقد بصره، والتحق بقسم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة عين شمس ، وحصل على الليسانس بتفوق، وأتبعه بالماجستير، وكان موضوعه "الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والنفسية لفاقدي البصر"، ثم أتبعه بالدكتوراه، وكان موضوع رسالته "التصوير الفوتوغرافي بتكنولوجيا الحواس".
وحول مفهوم التصوير بالحواس أو تكنولوجيا الحواس.. قال نزيه، أنه بعد فقدان بصره.. بدأ في تنمية حواسه وتدريبها، وكان يستفسر عن كل شيء حوله، فيسأل عن شكله ولونه، وأشياء أخرى كثيرة، اختزنها في ذاكرته، واعتبر التصوير بالحواس، وليس بالعين تحديا كبيرا، لابد من مواجهته والانتصار عليه.. لأنه لا سبيل أمامه سوى ذلك.
في سبيل التغلب على كل الصعاب والعقبات التي تزاحمت أمامه.. رسم نزيه لنفسه خطة هي: التدريب بشكل يومي على استخدام الحواس، وتعرف على مختلف أنواع الكاميرات، وتابع أحدث ما وصلت إليه من تطور وتقنيات، كما كان يقوم بالتقاط الصور لأهله وأقاربه، ليدرك من خلالهم عيوب صوره.. وأخطاءه في التصوير، ثم يعيد المحاولة مرات عديدة، حتى يصل إلى الصورة المثالية..ونكمل غدا.