رئيس التحرير
عصام كامل

المفاوضات بدأت بين أمريكا وإيران !


نعم، رغم إعلان مرشد إيران "خامئني" أن المفاوضات مع أمريكا هي بمنزلة سم زعاف، وإعلان "جواد ظريف"، وزير الخارجية الإيراني، أنه لم يعد متحمسا لتلقي اتصالات من وزير الخارجية الأمريكي لأنه يشعر بالإهانة، فإن المفاوضات التمهيدية قد بدأت بالفعل ببن أمريكا وإيران..


ولعل ذلك يفسر تصريحات الرئيس الأمريكي "ترامب" مؤخرا والتي قال فيها: إنه متأكد أن إيران جاهزة للتفاوض مع أمريكا، وترغب فيه، وأن أمريكا لا تريد أن تسقط نظامها أو تتخلص من قادتها الحاليين، وأن إيران يمكنها أن تكون عظيمة تحت هذه القيادة إذا غيرت سلوكها.

وهذه المفاوضات التمهيدية ليست مباشرة وإنما هي بدأت عبر عددي الوسطاء العرب والأجانب.. ومن العرب سلطنة عمان والعراق وقطر رغم موافقتها هي وعمان على بيان القمة العربية.. أما من غير العرب فتأتي ألمانيا ذات الموقع القيادي داخل أوروبا ويضيرها استمرار هذا الصراع الأمريكى الإيراني، وأيضًا اليابان التي أعلن "ترامب" صراحة أننا طلبنا الوساطة مع إيران.

ويسعى كل هؤلاء الوسطاء العرب والأجانب لإعادة إيران إلى مائدة المفاوضات مجددا للتوصل إلى اتفاق جديد معها، دون أن يبدو قادة إيران قد خضعوا لشروط أمريكا الاثني عشر، أو أنهم قد قدموا تنازلات كبيرة للسيطرة الأكبر كما يصفون أمريكا.. ولا تعارض واشنطن ذلك ما دام الأمر سوف ينتهي في نهاية الأمر إلى جلب إيران إلى مائدة المفاوضات، خاصة وأن الإدارة الأمريكية باستثناء "بلتون" مستشار الأمن القومي الأمريكي لا تريد التورط في حرب جديدة قد تؤثر سلبيا على حظوظ "ترامب" في فترة رئاسية ثانية.

ويراهن هؤلاء الوسطاء على رغبة إيران هي الأخرى في تفادي خوض حرب مع أمريكا، حتى وإن أعلنوا استعدادهم لهذه الحرب، وأيضًا تضرر إيران اقتصاديا نتيجة العقوبات التي فرضتها أمريكا عليها، والتي حرمتها من تصدير نصف نفطها على الأقل حتى الآن، وتصدير النصف الآخر بأسعار منخفضة، وبالتالي تراجع في مواردها وزيادة مشاكلها الاقتصادية، وعدم تمكنها من تحمل ذلك فترة طويلة، خاصة وأن استمرار "ترامب" في البيت الأبيض هو احتمال ليس ضعيفا.

وهذه المفاوضات التمهيدية بين أمريكا وإيران عبر الوسطاء قد تستمر طويلا في ظل أسلوب البازار الذي ينتهجه قادة إيران، والذي يعتمد على إطالة أمد التفاوض لإرهاق المفاوضين ودفعهم تقديم المزيد من التنازلات، وأيضًا في ظل منهج "ترامب" في التفاوض مع الخصوم والمنافسين، وهو منهج رجل الأعمال الذين يريد تعظيم مكاسبه..

لكن تبقى في النهاية أن هذه المفاوضات التمهيدية تبعد شبح حرب جديدة عن منطقتنا، وهى الحرب التي تدفع لها إسرائيل وأنصارها في أمريكا، ويتمناها بعض العرب لتقليم أظافر إيران التي أدمت عبر وكلائها في المنطقة أجسادهم.
الجريدة الرسمية