رئيس التحرير
عصام كامل

السينما والدعم.. والمصير المجهول (2)


كانت حكومة "الجنزورى" الأولى قد اتخذت عام 1997 قرارًا بدعم الشركات الكبرى في السينما، والتي لا يقل رأس مالها عن 200 مليون جنيه، وهو ما تسبب في توقف الشركات الصغرى عن الإنتاج تمامًا، وهي الشركات التي كانت تقدم أكثر من 80 % من الإنتاج السينمائي المصري..


وبدأت الشركات الكبرى في الاهتمام بتقديم فيلم أو فيلمين كل عام ليتراجع إنتاج السينما المصرية من 120 فيلمًا في العام 30 فيلما، يغلب عليها الطابع الكوميدى والأكشن والاهتمام بالنجوم، ثم توقفت هذه الشركات أو كادت بسبب سيطرتها على دور العرض والتوزيع، لتبدأ رحلة محاولة زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية بعد أن كادت السينما المصرية أن تتلاشى.

وفي رئاسته الثانية عام 2012 حاول الدكتور "كمال الجنزورى" إيجاد حلول لمشكلات السينما، إلا أنه الفشل طارد كل المحاولات كما طارد محاولات رئيس وزراء الإخوان الدكتور "هشام قنديل"، ورجل الاقتصاد الكبير الدكتور "حازم الببلاوى"، وهو نفس ما لاقاه المهندس "إبراهيم محلب"، كلها اجتماعات لم تسفر عن شيء.

ومع تعدد رؤساء الحكومات تعدد وزراء الثقافة من "جابر عصفور" إلى "محمد الصاوى" إلى الدكتور "عماد أبو غازى" إلى الدكتور "شاكر عبد الحميد"، والدكتور "صابر عرب" ثم وزير الإخوان "علاء عبد العزيز"، وصولا إلى الدكتور "صابر عرب" مرة أخرى، ثم "عبد الواحد النبوى" و"حلمى النمنم"، وأخيرا وليس آخر الدكتورة "إيناس عبد الدايم".

والحقيقة أن صناع السينما قد اعتادوا منذ سنوات ربما توازي تاريخ صناعة السينما المصرية على اجتماع لجان حكومية ترتفع مستوياتها أحيانًا إلى مستوى رؤساء الحكومات أو الوزارات وقد تصل إلى ما هو أدنى من ذلك. وفي النهاية لاشيء..

المطلوب الآن.. للسينما تقديم دعم لوجيستى مجانى من استوديوهات ومناطق تصوير وإتاحة التصوير مجانًا في الأماكن الأثرية والسياحية والمطارات.

والحقيقة أن القائمين على صناعة السينما ربما يكونون جزءا من المشكلة وإن كانوا لم يقصروا في الجلوس مع الحكومات المتوالية، طرحوا جوانب الأزمة وعرضوا الحلول كما يرونها ورغم ترحيب المسئولين بإيجاد الحلول وتشكيل اللجان، إلا أن شيئًا من هذا لا يحدث.

المشكلة أو الأزمة أنه لا يوجد في الحكومات ذلك الشخص المسئول الذي يتابع تنفيذ قرارات هذه اللجان، كما لا يوجد من بين السينمائيين من يستطيع المتابعة والإلحاح لتنفيذ هذه القرارات.

لا يمكن أن ننسى مبادرة وزارة التخطيط عندما قدمت مشروع قروض ميسرة لإنتاج الأفلام ومساندة الصناعات الإبداعية من بنك الاستثمار القومي بما قيمته 150 مليون جنيه، وفى نفس الوقت قدمت وزارة الآثار مشروعا لخفض تكلفة رسوم التصوير داخل المناطق الاثرية، إلا أن القرارات مجرد أحلام لم تتحول إلى واقع.

وكان المهندس "إبراهيم محلب" قبل ذلك قد خاطب المحافظين بتخصيص أرض لبناء دور عرض سينمائي، ومسرح جديد لدعم السينما إلا أن المشروع ذهب أدراج الرياح. الغريب أن المخرج "محمود سليمان" كان من ضمن المحظوظين الذين نالوا موافقة المركز القومى للسينما على صرف الدعم عن فيلمه "سنة سعيدة"، ورغم مرور ست سنوات، واقتراب المخرج من الانتهاء من تنفيذ الفيلم إلا أنه لم يحصل إلا على ثلاثة أقساط من بين ستة أقساط من قيمة الدعم والمحدد لها مليون ونصف المليون جنيه، رغم استحقاقه لكل قيمة الدعم في هذه المرحلة من إنتاج الفيلم الذي. قد لا يتم تنفيذه بعد أن تغيرت ملامح العاملين في الفيلم بمرور الزمن.

المهم حتى لا أطيل فيصبح مقالى مثل دعم الأفلام بلا طائل، فقد بشرنا وزير الثقافة السابق الكاتب الصحفى "حلمى النمنم" بإنشاء صندوق تنمية السينما.. ولا أدرى من يمول مثل هذا الصندوق، خاصة وأن صندوق التنمية الثقافية يكاد أن يشهر إفلاسه بعد توقف دعم وزارة الثقافة له.

وتمت إحالة مشروع صندوق تنمية لسينما إلى وزير المالية الذي أحاله إلى وزير العدل للدراسة، إلا أن الأخير رفض إنشاء صندوق جديد خاصة وأن عمله يتعارض مع عمل صندوق التنمية الثقافية.

وعدنا إلى المربع صفر، حيث تقرر إنشاء وحدة لتنمية صناعة الأفلام تابعة للمركز القومى للسينما، وعلى أن يتم الصرف من صندوق التنمية الثقافية، ويتم تشكيل مجلس أمناء للوحدة، وحتى لا أكون متشائمًا في وضع لا يدعو للتفاؤل فقد أعلن وزير الثقافة السابق أيضًا أن رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل قد وافق على زيادة الدعم إلى خمسين مليون جنيه.

والأن على الدكتورة "إيناس عبد الدايم" وزير الثقافة أن تتابع الأمر مع لجنة التسوية بمجلس الدولة، لعدم خصم 22 % من مبلغ الدعم فلا يمكن أن تعطى الدولة باليمين لتأخذ بالشمال.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

الجريدة الرسمية