رئيس التحرير
عصام كامل

"المسلسل" لا يزال في جيبي


اقترب شهر رمضان من نهايته ومعه أوشكت المسلسلات على إسدال الستار عن نهاية أحداثها، وخلال الأسابيع الماضية سعدت بمتابعة بعض الأعمال، وانبهرت بأداء بعض الممثلين لكنني رصدت أيضًا جانب من الخيوط المشتركة التي جمعت دراما 2019..


الخيط الأول تمثل في الصراعات بين الإخوة، وكأن الجفاء والعداوة بين الإخوة هي موضة العام الحالي.. ففي مسلسل (حكايتي) اثنان من الإخوة يتآمران ضد أخيهم الثالث ولا يجمعهم إلا الكراهية وجرائم القتل المتبادلة.. وشقيقان يتنكرون لأخيهم الأكبر في مسلسل (أبو جبل).. وأخت تحاول الإيقاع بأخيها وتتمنى وصوله لحبل المشنقة بينما يُحكم على أخوهم الثالث بالإعدام بعد أن قتل شقيقتهم في مسلسل (ولد الغلابة).. والإخوة يسرقون أخوهم ويخططون لإذلاله في مسلسل (ابن أصول)..

علاقة الأشقاء قوية بالغريزة حتى وإن أصاب الفتور العلاقة بين الإخوة غير الأشقاء لكنها في النهاية تظل علاقة مقدسة لها احترامها.. ومثلما لم يكن مقبولًا في أحد المواسم الرمضانية السابقة أن نشاهد الابن يضرب ويحرق أبوه في مسلسل (ابن حلال) فإنه من غير اللائق أن تكون جرائم القتل والسرقة والتنكيل والانتقام هي اللغة المشتركة في علاقات الإخوة في كل هذه الأعمال.

أما النقطة الثانية التي امتازت بها بعض الأعمال الدرامية فهي الاقتباس من المسلسلات الأجنبية.. والتهم طالت هذا العام بالأخص مسلسلي (ولد الغلابة) و(زي الشمس).. الاقتباسات كانت واضحة لدرجة انتشار مجموعة من الصور المتقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمشاهد من مسلسلي (زي الشمس) والمسلسل الإيطالي (Sorelle) وأخرى تجمع بين مسلسلي (ولد الغلابة) والمسلسل الأمريكي (Breaking Bad) والأخيرة أوضحت أن النقل لم يكن في أحداث العمل فحسب لكنه طال حتى البوستر وشكل النظارة الطبية التي ارتداها الفنان أحمد السقا وكأن المخرج خاف من تغيير شكل النظارة وفضل أن يكون النقل حرفيًا من المسلسل الأجنبي حتى يضمن النجاح.. فبدلًا من الابتكار يفضل البعض النقل الحرفي من منطلق أن "المسلسل" الأجنبي المقتبس منه العمل لا يزال في جيبي فلماذا أفكر أو أجتهد بعيدًا !

وطالما كانت ثقافة الاقتباس هي الأسهل بالنسبة لبعض صناع الدراما، فلدينا تراث روائي ضخم وغني في الأدب العربي والمصري.. آلاف الروايات والقصص والحكايات الشعبية والتراثية العظيمة التي يمكن ببعض الجهد نقلها وتطويعها وتحويلها لأعمال درامية قيمة وممتعة وناجحة بدلًا من استسهال النقل من الأعمال الأجنبية ولكنني أعتقد أن الكثير من صناع الدراما لن يغامروا ببذل المجهود مثلما لم يغامر المخرج بتغيير شكل النظارة الطبية للبطل!

الأمر الثالث الذي جمع بعض الأعمال والفنانين كان الاهتمام المبالغ فيه بوسائل التواصل الاجتماعي، فحمى "التريند" أو الظهور في المراتب الأولى بين اهتمامات الجمهور شغلت الجميع.. وحتى هؤلاء الذين لم تحقق أعمالهم أو أدائهم التمثيلي شعبية حقيقية قام بعضهم بالاستعانة بشركات أو أفراد لزيادة الحديث عن أعمالهم وصناعة حسابات وهمية لتأييدهم وإظهار الدعم لصالحهم والرد على منتقديهم حتى أصبح من العادي أن تشاهد حساب وهمي حديث الإنشاء لا يفعل طوال اليوم في حياته أي أمر سوى تأييد فنانة بعينها أو الإشادة بفنان محدد أو نشر الاقتباسات من أحد الأعمال الدرامية.. حمى "التريند" وجنون المراتب الأولى لن يفيد لأن الأعمال المميزة وحدها هي التي تدفع المشاهد إلى متابعتها.
الجريدة الرسمية