جرس إنذار.. السوق يتجه عكس الاتجاه
تقوم الدولة الآن بمجهودات كبيرة نحو العمل على إلغاء السوق الموازى، ودفع المواطنين نحو السوق الرسمى عبر سياسات الشمول المالى من جهة والاتجاه نحو الاقتصاد الرقمى من ناحية أخرى، والهدف في الحالتين هو القضاء على ما يسمى بالسوق الموازى وتخفيض التعامل بالنقود إلى أدنى حد ممكن، مما يعود على الاقتصاد بالرواج لدخول الأموال للسوق الرسمى.
ولكن للأسف هناك قوى توجه السوق عكس الاتجاه الذي تريده الدولة، وتدفع السوق للتعامل النقدى في المعاملات بعدما أصبحت المعاملات الآجلة تشوب غالبيتها خيانة الأمانة وعدم الوفاء بالحقوق للدائنين.
كان فيما مضى يدور رأس المال عدة مرات خلال السنة الواحدة، عبر الشراء الآجل، وفى نهاية العام يتم الحساب بين التجار عبر الحسابات البنكية وتقسيط الحقوق طالما كانت الأمانة موجودة.
الآن دق جرس الخطر حيث تحول السوق من السوق الآجل إلى الدفع النقدى، وهذا يعيد المعاملات إلى السوق الموازى من ناحية ويعيد التعامل بالنقود الورقية مرة أخرى، وذلك عكس الاتجاه الذي تسير فيه الدولة، والسبب عدم الوفاء بالشيكات الضامنة وارتفاع عدد الذين لم يلتزموا بها، والقضايا منظورة أمام المحاكم والأخرى تنازل أصحابها عن أموالهم خشية الدخول في ساحات القضاء. والنتيجة هي لجوء التجار إلى التعاملات النقدية، فمن معه يشترى ومن لا يملك النقود الحاضرة فإنه لن يشترى خوفا من خيانة الأمانة.
السوق لا بد أن يسير في الاتجاه التي تسير فيه سياسات الدولة، وأن كل يوم يخفق فيه التجار في الوفاء -بالشيكات الآجلة الضامنة لما اشتروه من بضاعة- هو يوم يدفع السوق في الاتجاه العكسى لما تسعى اليه الدولة.
لذا كان من الضروري أن نقوم بلفت نظر المسئولين أن هناك إجراءات لا بد أن تتخذ سريعا لإرجاع الالتزام داخل السوق بعدما تنصل التجار غير الملتزمين من مسئوليتهم عن ديونهم، وأصبحت الشيكات أوراقا تنتظر من يترك عمله ويغلق نشاطه ويجرى في المحاكم خلف حقوقه، وفى النهاية يحقق خسارة وبذلك تتحول المعاملات في السوق المصرى إلى نبذ الشراء الآجل والتوجه نحو المعاملات النقدية.
لا شك أن ذلك انعكس على ارتفاع أسعار غير المبرر في مناطق كثيرة كان سببه نقص الإمداد لنقص السيولة وأن إرجاع الالتزام في المعاملات كفيل بدفع السوق في نفس الاتجاه التي تسير فيه الدولة من جهة وتخفيض الأسعار من جهة أخرى.
الله ولى التوفيق.