رئيس التحرير
عصام كامل

رجل المصالحات بأسيوط.. محطات في مسيرة الشهيد الصائم "جمال شكر"


سيطرت حالة من الحزن والأسى على أهالي محافظة أسيوط عامة وأفراد مديرية الأمن خاصة عقب ورود خبر وفاة اللواء جمال شكر، مساعد وزير الداخلية مدير قطاع أمن أسيوط، في حادث انقلاب سيارته بالطريق الصحرواي الغربي بالقوصية، وذلك لما يتمتع به من سيرة طيبة ومعاملة حسنة شهد بها أبناء المحافظة واصفين إياه بالرجل الإنسان.


العديد من المواقف شهدت لإنسانية اللواء جمال شكر أثناء خدمته بأسيوط ومن قبلها بالمنوفية والمنيا وسوهاج، وتستعرض "فيتو" في تقريرها التالي لمحات من حياة الشهيد الصائم الذي تُوفي أثناء أداء عمله وواجبه الوطني في نهار رمضان في حادث مأساوي.

وولد اللواء جمال شكر بمركز السنطة محافظة الغربية، وتخرج في كلية الشرطة متقلدا رتب ضباط المباحث وصولا لرتبة لواء ومديرا لإدارة البحث الجنائي بالمنوفية ومنها مديرا لأمن أسيوط ومساعدا لوزير الداخلية.

تولى اللواء جمال شكر العديد من المناصب بمحافظات الصعيد قبل توليه مهام مديرية أمن أسيوط حيث عمل رئيسا لمباحث مراكز شرطة أبنوب بأسيوط وقضي فترة بقرية البلابيش بمحافظة سوهاج والمنيا ومن قبلها عمل 4 سنوات رئيسا للمباحث الجنائية بمحافظة المنوفية.

في حركة التنقلات لعام 2017 انتقل اللواء "جمال شكر" من مباحث المنوفية لمدير أمن أسيوط خلفا للواء "عاطف قليعي"، وأمسك مهام المحافظة في 29 من يوليو ليستمر بها ما يقرب من 3 أعوام حافلة بالإنجازات ومحاربة البؤر الإجرامية لحين وفاته.

ويشهد الجميع بمحافظة أسيوط خاصة ومحافظات الصعيد بحسن معاملة اللواء "جمال شكر"، وخاصة لما لمسوه من مواقف إنسانية عدة أبرزها التيسير على المواطنين في أداء الخدمات الأمنية وحسن معاملته لأفراد الشرطة الصغار والمواطنين جميعا حتى قيل إن مكتبه لا يغلق في وجه أحد.

وشهدت فترة تولي اللواء "جمال شكر" مديرا لأمن أسيوط فتح مستشفى الشرطة أكثر من مرة للقوافل المجانية والكشف على الفقراء وكبار السن وخاصة بعيادات الرمد والباطنة مما احتسبه له أهالي المحافظة.

وشارك اللواء "جمال شكر" في العديد من المداهمات للبؤر الاجرامية وتمركزات الخارجين على القانون، وترأس العديد من الحملات بقرى القصير بالقوصية التي ضبط بها كميات هائلة من المواد المخدرة المزروعة بالإضافة لقرى المعابدة ونجع سبع التي شهدت العديد من المشاجرات المسلحة للخارجين على القانون.

وكان إنهاء الخصومات الثأرية والقضاء عليها أهم ما يميز فترة تولي اللواء جمال شكر لمديرية أمن أسيوط وخاصة لما يعرف عن المحافظة كونها تضم أكثر من 5000 خصومة بالقرى والمراكز بين العائلات وبعضها البعض وبالفعل نجح اللواء جمال شكر في القضاء على ما يقرب من 100 خصومة بين عائلات كبيرة راح ضحيتها العشرات وتدخل بنفسه في العديد منها.

وشارك اللواء جمال شكر في مبادرة أسيوط بلا ثأر التي أعلنتها المحافظة في فبراير الماضي، مقدما كل ما يتيح للمحافظة من خدمات لإتمام التصالح بين العائلات المتخاصمة وتفعيل المبادرة والتوعية بخطورة الثأر وقتل النفس، وكان من أهم أولوياته بالمحافظة وأد بعض الخصومات قبل بدأها بالنزول للقرى والنجوع وحل النزاعات حتى يعم الأمن والأمان بالمحافظة.

وفي أبريل من العام الماضي شهد مركز أبانوب حريقا هائلا كاد أن يودي بحياة الآلاف لولا التدخل السريع لمديرية أمن أسيوط وانتقال اللواء جمال شكر لموقع الحادث على رأس فرق الإنقاذ والسيطرة على الوضع، حيث وقع انفجار هائل في مستودع أنابيب بقلب المدينة ووسط الكتلة السكنية.

وعلى الفور أصدر اللواء جمال شكر تعليماته بإرسال قوات الإطفاء من المركز والمراكز المجاورة وبمساعدة القوات المسلحة، وترأس شكر قوات الإنقاذ في موقع الحادث وتمكنت القوات من السيطرة على الحريق رغم هول الحريق، دون وقوع أي إصابات تذكر واحتسب الأهالي بمحافظة أسيوط تلك الواقعة إلى يقظة إدارة مديرية الأمن.

وشارك اللواء جمال شكر في العديد من مداهمات البؤر الإجرامية وترأس الحملات في القرى والمراكز المشتعلة بالخصومات وكان من أبرز تلك الوقائع انتقاله على رأس القوات في أبريل قبل الماضي لقرية المعابدة التي شهدت اشتباكات بين ضباط شرطة ومطلوبين على ذمة قضايا مما أدى إلى استشهاد رائد شرطة متأثرا بجراحة وإصابة آخر وعدد من الخارجين على القانون أثناء مداهمة المنازل وتبادل إطلاق النار وثأرت القوات حينها لشهيد الشرطة الرائد مصطفى حمدون من قوة الأمن المركزي.

وتُوفي اللواء جمال شكر، مساعد وزير الداخلية مدير أمن أسيوط، إثر انقلاب سيارته الخاصة بالطريق الصحراوي الغربي بالقرب من صينية مطار أسيوط الدولي بالقوصية أثناء تفقده عدد من الأكمنة والتمركزات الأمنية برفقة الدكتور منتصر عويضة، رئيس المباحث الجنائية، والعقيد محمد عبد القادر، مدير مكتبه، وتم نقله إلى مستشفى أسيوط الجامعي ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك متأثرا بإصابته وهو صائم وأطلق عليه رواد موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك لقب "الشهيد الصائم" في عبارات من التعازي والحزن.
الجريدة الرسمية