رئيس التحرير
عصام كامل

إلى نوابنا: تمهلوا!


نعم، تمهلوا أيها السادة النواب المحترمون في زيادة الحد الأقصى للدخول، وهو الاقتراح لمشروع القانون الذي تقدم به أحد زملائكم أو يعتزم ذلك.. فليس من الحكمة أن تفعلوا ذلك، حتى ولو تم تبريره بزيادة الحد الأدنى للأجور من ١٢٠٠ إلى ٢٠٠٠ جنيه..


كذلك ليس من حسن السياسة أن تفعلوا ذلك في وقت لم يعوض فيه قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلا بعض ما تحمله صغار العاملين من آثار وتداعيات الإصلاح الإقتصادي، والتي وصلت ذروتها في عام ٢٠١٧، حينما صعد معدل التضخم إلى ٣٣ في المئة، وهو الآن رغم انخفاضه للنصف ما زال كبيرا ومرهقا لهم..

ولعل هذا ما دعا الرئيس السيسي للقول إن حزمة القرارات التي أعلنها الشهر الماضي لتعويض العاملين وأصحاب المعاشات ليست كافية، وسوف يتلوها مستقبلا المزيدُ من القرارات.

إن زيادة أو رفع الحد الأقصى للأجور والدخول الآن يحمل رسالة لعموم المواطنين بأن بوصلة الإدارة والحكومة المصرية لا تتجه صوبهم، وإنما تتجه أساسا إلى القادرين، والذين ليسوا هم الأولى برعايتها ولا حق بانحيازها لهم.. فالعدل لا يقتضى مساواة كمية في المجتمع، وإنما يحتاج لتحقيقه انحيازا للأضعف والأكثر احتياجا والذين ما زالوا يعانون من الصعوبات المعيشية، وتحملوا عن طيب خاطر الكثير منذ بدء الإصلاح الإقتصادي بتعويم الجنيه المصري.

كما أن الحد الأقصى للأجور والدخول الحالي الذي يريد أحد نوابنا المحترمين مضاعفته تقريبا، لا تلتزم به العديد من الجهات والمؤسسات الحكومية، مثل القطاع المصرفي، وقطاع البترول، وقطاع الاتصالات.. وذلك بعد أن حصلت بعض تلك الجهات على قرار من مجلس الدولة يقضي باستثنائها من هذا الحد الأقصى للدخول، وجارتها جهات أخرى بحكم الأمر الواقع.

تمهلوا أيها السادة النواب المحترمون في رفع الحد الأقصى للدخول حتى لا تفرغوا قرارات الرئيس السيسي المنحازة للأقل قدرة من رسالتها السياسية والاجتماعية..

وَيَاحبذا أن تشغلوا أنفسكم أفضل بتنفيذ إحدى وصايا صندوق النقد الدولي لنا بخصوص توسيع برامج الحماية الاجتماعية للفقراء وأصحاب الدخول المحدودة، ووصية عدد من خبراء الاقتصاد في البلاد التي خلت منها توصيات الصندوق، وهي توفير حماية لأبناء الطبقة المتوسطة حتى لا ينزلق من يعيشون من أبنائها على هامش خط الفقر إلى تحت هذا الخط.
الجريدة الرسمية