"أنا إنسان".. و"مينا" في مائدة رمضان!
فوجئ جروب "أهل الخير"، حال تنظيمهم مائدة رمضان في ميدان الرماية بشخص يحضر يوميا لمشاركتهم في تنظيم المائدة والكراسى وتداول الأطباق، ومع توالى الأيام سأله الصديقان "أحمد حمزة" و"هلال سليم" عن هويته خاصة أنه ليس معروف بالنسبة لهم ولا لأى من أعضاء الجروب، فأفصح الشاب الثلاثينى عن هويته وقال إن اسمه "مينا" مسيحى الديانة، وعبر عن شعوره بالسعادة للقيام بهذا العمل التطوعى!
هناك في أطراف الصعيد وتحديدا في قرية "منشأة ناصر" التابعة للوحدة المحلية بصنبو بأسيوط كان هناك قساوسة ورهبان يشاركون المسلمين في افتتاح مسجد بعد عمليات الإحلال والتجديد، وقد شارك المسيحيون المسلمون في إفطار رمضانى بمناسبة افتتاح المسجد.
هذه الصور وغيرها تعكس أن هناك تعايشا سلميا حقيقيا بين المسلمين والمسحيين في بلد حاول الكثير إثارة القلاقل فيها، وحاولت الكثير من الدول الضغط على مصر من خلال هذا الملف، ولكن الشعب الأبى الذي حمل السلاح في معركة الكرامة في العاشر من رمضان دون أن يُفرق بين مسلم أو مسيحى قادر على أن يكون نسيجا واحدا لوطن واحد.
تأتى أيام رمضان لتقص علينا كيف كانوا الصغار أكثر بهجة في استقبال الشهر، فكانوا يصنعون زينة من أوراق الكتب القديمة، ليزينوا بها الشوارع وواجهات المنازل وأمام المساجد فضلا عن الفوانيس.. نعم كان لرمضان طابع ومذاق خاص ما زال عالقًا في الأذهان.
هناك في أرياف الصعيد في درب الغربان كانوا حريصين قبل عصر الثلاجات على وضع الأزيار وجراكن المياه مُحاطة بالخيش في محاولة لتبريد المياه (هكذا كانوا يقصون علينا).
وفى منتصف رمضان كان الازدحام يشتد على الطواحين المصنعة من الحجر لاستقبال جوالات القمح والدرة الشامية لطحنها، حيث كانت الأسر تستعد لإعداد البتاو والعيش الشمسى والبسكويت.
كنا صغارا فكنا نلتف حول التلفاز لمشاهدة برامج فطوطة وفوازير عمو فؤاد، وقبلها برامج شريهان ونيللى.
هناك كان التسامح أكثر والوصال والترابط أشد والاطمئنان والسؤال على الآخرين فريضة كانت الناس أكثر بساطة وعمقا. ولقد سعدت عندما ظهرت صور كثيرة من التكافل والترابط في قريتى "مسارة" بأسيوط حيث تقوم بعض الجمعيات بحصر المحتاجين وتوزع عليهم بعض الاحتياجات الرئيسية وصور مختلفة من الدعم العينى..
وسعدت أكثر عندما شكل أبناء القرية المقيمين بها وأبناء القرية بالخارج جروب أطلقوا عليه "أنا إنسان" والذي لاقى ترحيبًا ودعما كبيرًا من شباب القرية ومثقفيها، حيث اتفقوا على كيان خيرى لا يتبع أي تيار سياسي أو فصيل حزبى مستهدفًا مد يد العون لأصحاب الحاجات دون أي مصلحة سوى حب الخير.