سهرة رمضانية في رحاب الحسين

يجتذب حى الحسين ملايين المصريين الذين يحرصون على زيارته خلال شهر رمضان، بحيث تحولت تلك العادة التي تمارس منذ سنوات بعيدة، إلى طقس من الطقوس التي تميز الشهر الكريم، ولا تقتصر تلك الزيارة على أبناء العاصمة وحدهم، ولا أبناء المحافظات القريبة منها، إنما أهالي المحافظات البعيدة يحرصون على المشاركة في إحياء ليالى رمضان بزيارة مقام مولانا الحسين، ويؤدون الصلوات في المسجد، ثم يعودون بعد صلاة الفجر إلى محافظاتهم.

وأذكر ونحن أطفال أن أهالينا في محافظة الفيوم، كانوا يحرصون على زيارة الحسين في رمضان، خاصة في ليلة 27 رمضان التي ترسخت في أعماقهم أنها ليلة القدر.. وكانوا يحرصون على اصطحاب الأطفال معهم لينالوا البركة. وطبيعى أن يجتذب الحى مصريين آخرين يسعدون بزيارته في رمضان، والتمتع بالجو الفريد الذي يميزه عبر الزمن، وتحرص شركات السياحة على أن تضع زيارة الحى ضمن برامجها، ما يجتذب السياح من مختلف دول العالم، بما يلقى إقبالا متزايدا.

وقد سعدت بمشهد الأعداد الغفيرة من السياح الذين يقفون بالطوابير أمام المقاهى والمطاعم، ويحرصون على شراء الهدايا التي تميز منتجات خان الخليلى.. ويضيفون حالة من الرواج التي حرمنا منها في السنوات الماضية.. ما يبشر بموسم سياحى جيد.

اعتدنا مجموعة من الأصدقاء القدامى، يجمع بينهم التاريخ المشترك والانشغال بهموم الوطن، أن نقضى إحدى الليالى الرمضانية في رحاب الحسين، وتناول السحور في مقهى الفيشاوى العريق، وتميزت الزيارة هذا العام بالاحتفاء بذكرى مرور أكثر من ربع قرن على تكوين الجماعة، واستمرار لقاءاتها التي لم تنقطع.

اتفقنا منذ سنوات بعيدة على أن نلتقى مرتين أسبوعيا، في صالون ثقافى، نناقش القضايا التي تفرض نفسها على الساحة، ويدلى كل صديق برأيه سواء اختلف أو اتفق مع آراء الآخرين..

وفى كل الأحوال لا نفقد بوصلة الإخلاص للمصلحة العامة، وانتهزنا تلك الفرصة لتكريم "الدينامو" الذي حافظ على استمرارية اللقاء حتى الآن، وبما يمتلكه من قدرة فائقة على إحداث توافق بين الآراء المختلفة، والحفاظ على وحدة الجماعة، وإضفاء الحيوية على حواراتها، وأقصد المهندس "عبدالخالق المحجوب"..

وكان المكرم الثانى من يستضيفنا في منزله أسبوعيا، ويقدم من نفسه نموذجا للقدرة على العطاء الإنسانى يندر أن يتكرر.. ويشعرنا وجوده أن الدنيا ما زالت بخير.. طالما هناك رجال من نوعية الصديق "أحمد عبيد"، ولا يمكن أن نغفل دور كل عضو في الجماعة في فضل استمراريتها والحرص على لقاء الأصدقاء.