رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا تهرب بعض الجهات من النيابة الإدارية؟


مباشرة النيابة الإدارية لاختصاصاتها تعترضه بعض العقبات، التي تتمثل في عدم خضوع سائر العاملين المدنيين بالدولة لاختصاصها، نتيجة لتعدد نظم التحقيق المعمول بها.


وبتعدد الأنظمة الوظيفية المطبقة على بعض العاملين بالجهات الحكومية، والتي بمقتضاها تغل يد النيابة الإدارية عن تحديد مسؤولية بعض العاملين، الذين يكشف التحقيق عن ارتكابهم أو اشتراكهم في ارتكاب مخالفات تأديبية مع عاملين آخرين خاضعين لولايتها.

لا تملك النيابة الإدارية في هذه الحالة إلا إبلاغ جهات عملهم لإجراء شؤونها حيالهم، والاكتفاء بتحديد مسؤولية باقي العاملين الخاضعين لولايتها المشتركين معهم في ارتكاب ذات المخالفة.

وإزاء ما كشف عنه الواقع العملي من تقاعس تلك الجهات الخارجة عن ولاية النيابة عن تحديد مسؤولية العاملين التابعين لها عما نسب إليهم من مخالفات، أو حفظ ما نسب منها إليهم على غير سند من القانون، ودون معقب عليها.

وتتعدد أوجه التصرف في المخالفة الواحدة بتعدد جهات التحقيق واختلاف توجهاتها، وهو أمر لا يوجد ما يبرره من الواقع أو القانون في مجتمع يسعى بكل السبل إلى تحقيق المساواة، وإرساء قواعد العدالة بين جميع المواطنين.

كما أن هناك عقبة أخرى لا تقل خطورة عن تلك الأولى التي أشرنا اليها، تتضخم سنة بعد الأخرى، وهي اتجاه بعض الجهات الداخلة بحكم القانون في اختصاص النيابة الإدارية إلى التهرب من الخضوع لولايتها على سند من فتوى تتحصل عليها من هنا أو هناك.

وخطورة هذه الظاهرة المستحدثة والمستمرة تتجلى في سعي تلك الجهات الدؤوب إلى الإفلات من الخضوع للاختصاص الوجوبي للنيابة الإدارية، الذي يمتنع على تلك الجهات وفقًا لأحكامه التصدي بالتحقيق لبعض المخالفات المالية التي حرص المشرع، حماية للمال العام، على إسناد التحقيق فيها للنيابة الإدارية وحدها، ضمانًا لمساءلة المعتدين عليه عمدًا أو إهمالًا، وبصرف النظر عن مواقعهم الوظيفية بوصفها هيئة قضائية قوّامة، بحكم القانون، على حماية المال العام.

والأسئلة التي تبحث عن الإجابة هي:
1 ــ لمصلحة من يجري هذا الأمر؟
2 ــ لماذا كل هذا الحرص على الإفلات من ولاية النيابة الإدارية كلما تعلق الأمر بالمال العام؟
3 ــ هل حماية المعتدين على المال العام أصبحت هدفًا للبعض، تعارضًا وتناقضًا مع سياسة الدولة وسعيها الدؤوب على حمايته بكل السبل، والضرب بسيف القانون على من تسول له نفسه الاعتداء عليه أو التقاعس عن الزود عنه؟

وفي النهاية أتمنى أن يأتي يوم قريب أشاهد فيه النيابة الإدارية وقد تعاظم دورها كهيئة قضائية تتولى من خلال مباشرتها لاختصاصها حماية المجتمع الوظيفي من المفسدين، والزود عن المال العام ضد المعتدين أو الطامعين، وإخضاع جميع العاملين المدنيين بالدولة على اختلاف فئاتهم والأنظمة الوظيفية المطبقة عليهم للنيابة الإدارية دون تمييز حرصًا على المصالح العليا للدولة المصرية.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية