هل تصحح واشنطن الخطأ التاريخي لـ"لندن" برعاية وتمويل الإخوان؟.. إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب يحسم الخلاف الغربي حول التنظيم.. ويحمل "الإسلام السياسي" مسئولية تفشي العنف في العالم
ما زالت تداعيات «قرار القرن»، كما أسمته الـ «cnn»، الساعي إلى إعلان الإخوان جماعة إرهابية، يلقي بظلاله على الساحتين الإقليمية والدولية. هدأت الأصوات الناقمة، التي اعتبرت القرار بداية جديدة لشيوع الكراهية بالمنطقة، ويشجع أعضاء الجماعة على الانضمام لتيارات أشد عنفًا، وأصبح الحديث يتمحور حول كيفية تصحيح واشنطن، لخطأ لندن التاريخي برعاية وتمويل الإخوان.
تحول في المواقف
قبل ساعات، كتب بشار جرار، الباحث المتخصص في قضايا محاربة الإرهاب وتعزيز حوار الأديان، مقالا هامًا في موقع الـ"ccn"، بما يمثله ذلك من دلالة سياسية واستراتيجية، عن فوائد القرار الأمريكي المنتظر، لإدراج الإخوان على لوائح الإرهاب، وكشف عن ارتكازات القرار أمنيًا وسياسيًا وتاريخيًا، موضحا أن واشنطن بهذا النهج، تصحح الخطأ التاريخي لـ«لندن» التي وقفت خلف إنشاء التنظيم منذ عام 1928، ولا تزال تقدم له الرعاية حتى الآن.
بشار يعتبر أن دونالد ترامب، هو الرئيس الوحيد، الذي انتقد بشدة من اسماهم الذين يضمرون الكراهية والشر للعالم الحر، والقيم الإنسانية والحضارية، وهو أول رئيس غربي، يذكر الإخوان بالاسم، ويحملهم مسئولية وتبعات العنف في العالم، ولم يحاول الحديث بالإشارة أو التورية، كما كان الحال مع الرؤساء الذي تولوا الموقع الرفيع قبله.
صراحة ترامب، يراها الباحث في قضايا الإرهاب، فضيلة يقدرها الأغلبية الأمريكية الساحقة في الأوساط الشعبية قبل الرسمية، فالخلاف المزمن في الغرب كان دائما في التعاطي مع الإسلاميين، سواء في نسختهم الإخوانية، أو حتى في اللافتة العريضة المسماة بـ«الإسلام السياسي»، التي هي بعيدة كل البعد عن الاعتدال والوسطية، كما تعرف هذه التيارات نفسها بحسب «جرار».
"الدارس لأدبيات وممارسات أساتذة وتلاميذ هذا التنظيم وليس الجماعة، سيعلم يقينا أنه تنظيم سياسي عسكري قتالي بكل ما هو متاح من أسلحة، ويعي تماما أن الاختلاف أو الخلاف بين تلك الدكاكين السياسية أو الدشم العسكرية ما هي إلا تقية وبراجماتية وانتهازية فاقت الميكافيلية في كل شيء". يقول بشار ويستكمل: "وضع الإخوان كتنظيم إرهابي لا كحزب سياسي أو جمعية خيرية، قرار في الصميم يأخذ الأمور إلى مواجهة بلا مواربة، مما سيؤدي لاحقا إلى عملية فرز أمنية -عربيا وأوروبيا- على جميع المستويات القانونية والسياسية والفكرية والثقافية والإعلامية".
العرض الذي قدمه مقال الـ "cnn" يشير بوضوح إلى واقعية اتخاذ القرار، ويؤكد المضي فيه بالوقت نفسه، ويرى كاتبه أنه يرد الاعتبار للدول التي لم تتردد منذ سنوات في اتخاذ هذه الخطوة الشجاعة والخطرة في آن واحد، وفيه أيضا تلويح بعصا غليظة لكل الأفاعي، التي ستتباكى على الاعتدال المزعوم الشائع عن الإخوان.
توحيد المفاهيم عن الإسلام السياسي
ما يقوله «بشار» تزد عليه من الشعر بيتا، الدكتورة نجاة السعيد، الإعلامية والباحثة، مؤكدة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سبق ترامب في شرح خطورة الإسلام السياسي، وليس المسلمين العاديين.
وتعتبر "السعيد" أن ماكرون كان ماهرا، في التفريق بين الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة الإرهابية، والمسلمين المؤمنين بالعقيدة، فقطع الطريق على المتشدقين بكلمة الإسلاموفوبيا من المتطرفين المنتمين لجماعات الإسلام السياسي الذين يهاجمون من ينتقد أعمال القتل والتخريب بوصفه مهاجمًا للإسلام.
وترى الباحثة أن عدم توحد صفوف قادة الفكر والساسة في الغرب، على خطورة الإسلام السياسي، من أهم الأسباب في ازدياد الإرهاب بالمنطقة العربية الإسلامية والعالم، مؤكدة أن المواقف المتباينة والمتأرجحة في أوروبا من الإسلام السياسي بين اليسار واليمين، لن تؤدي إلا لمزيد من الكراهية، وسوء فهم لطبيعة أحداث العنف الجارية بالمنطقة- على حد قولها.