مصر اليوم في عيد
على مسرح الجلاء للقوات المسلحة، وفي الخامس والعشرين من أبريل من عام ١٩٨٢م، أطلق الثلاثي العبقرى "شادية" و"عبد الوهاب محمد" و"جمال سلامة" أيقونة تحرير سيناء "مصر اليوم في عيد".. هذا اللحن الخالد الذي أرخ لواحدة من أبهى لحظات التاريخ المصري الحديث، أصبح جزءا من وجدان شعب دفع الدم، والعرق، والمال، والجهد من أجل أرضه، أصبح الثلاثي الخالد سطرا في تاريخ مصر.
"مصر اليوم في عيد" هي العبارة الشعرية التي توحى لمستمعها في أي تاريخ بلحظة فارقة في التاريخ نفسه، وجه "شادية" وهي تؤدى هذه الملحمة هو التعبير الصادق عن انطلاقة مصر المحررة، وموسيقى "جمال سلامة" هي الوعاء الوجدانى الذي يلهب المشاعر، وينقل لنا وقع أقدام الجنود، وصوت المدافع، وأزيز الطائرات، والعبور المجيد، وكلمات "عبد الوهاب محمد" هي إطلالة الفلاحين والعمال والجنود على راية ترفع على أرض الفيروز، بعد معركة دبلوماسية فاصلة، تضاف إلى سجل النضال الوطنى الشريف من أجل الأرض.
"مصر اليوم في عيد" ليست أغنية سطرها شاعر ملهم، ولا معزوفة خاط نسيجها موسيقار عبقرى، ولا نغما عابرا للقلوب صاغته حنجرة مطربة معجونة بطين النيل.. إنها ملحمة "فؤادة" وهي تفتح هويس النيل، ليروى ظمأ الأرض التي عانت غربة عن الوطن، "فؤادة" التي واجهت القهر والظلم والباطل، بملامح اختلطت فيها سمرة الأرض بنعومة وجه مصرى خالص.
هذا الوطن الممتد من البحيرة إلى أقاصي الصعيد لا يزال يعزف ذات اللحن، ويردد نفس الكلمات، ويعيش على أوتار "جمال سلامة"، في كل لحظات التاريخ المصري العظيم منتظرين "بكرة"، الذي سنحصد فيه خير ما زرع الجنود الأشداء والمقاتلون الأوفياء والمحاربون الأقوياء.. هذا الـ"بكرة" الذي غاب عنا كثيرا لم نمل انتظاره، ولن نوقف الحناجر عن الغناء في طلبه، حتى يأتى اليوم الذي نحرر فيه الأرض المحررة من الفراغ المخيف.