رئيس التحرير
عصام كامل

صديقي الذي وبخني


بين الثناء على إنجاز تحقق، وانتقاد الحكومة أو النظام بسبب إنجاز لم يتحقق.. منطقة يطمئن الكثيرون للتواجد فيها، ليس لأنها آمنة، ولكن لأنها موضوعية، وقد اخترت الوقوف في هذه المنطقة، ساعيًا إلى موضوعية لا تعرف سبيلًا لا للتطبيل ولا للتقليل، ضاربًا بمزايدات البعض عرض الحائط، واضعًا نصب عيني متغيرات تؤثر _ وفقًا لقناعاتي _ في إنجازات تحققت، وأخرى تأجلت، مع إقراري بأن بعضا من الأولويات سبقت الأخرى، وما كان لها أن تسبقها.


الأسبوع الماضي انتقدت غياب الإعلام المصري عن الأحداث الساخنة في السودان والجزائر، واتهمته بأنه إعلام مرتعش، يسيء إلى إنجازات تحققت في السنوات الخمس الأخيرة، وأكدت على ما أكدت عليه في السابق أن الإعلام هو الملف الوحيد الذي لم يمتد إليه التطوير، لكن كلامي عن الإنجازات لم يرق لصديق أحسبه من العلماء الذين يحملون إلى جانب وطنيتهم فكرًا وثقافة أنهل منها في بعض الأحيان، صديقي وصف كلامي بالهراء، وطلب مني مراعاة الله في الوطن، وأن أستعيد وعيي ولا أستمر في الكتابة عن أوهام حتى لا يعايرني أبنائي يومًا ما بما كتبت عن إنجازات لا يراها سواي.

صديقة أخرى.. ساءها ما كتبت عن الحزب الذي حاول تشويه الاستفتاء على التعديلات الدستورية بتوزيعه كراتين مواد غذائية على المواطنين أمام اللجان، واتهمتني بالإساءة لحزبها، وأنني لم أتابع ما حققه هذا الحزب من إنجازات طوال عام مضى، كلمات كانت أقرب للتوبيخ، وهو ما دفعني لمراجعة ما كتبت، فوجدته مطابقًا لما شاهدت.

لم يغضبني كلام صديقي، بل حاولت إثناءه عن الاعتذار لكنه أصر، ليس لأنه اقتنع بوجهة نظري، ولكن لأنه كان حادًا في نقده لي، نقد رآه فيما بعد تطاولًا، ولم يزعجني رد الصديقة التي انبرت في الدفاع عن حزبها، فلهما (الصديقان) قناعتهما التي أتقبلها، ولي قناعاتي التي لم يتقبلاها.

هذه الحالة من عدم تقبل الآخر تفشت حتى صارت شبحًا يطارد كل أصحاب الرأي، فلو كنت موضوعيًا في الحديث عن إنجازات فأنت متهم بمحاباة النظام وخائف ومرتعش وعليك أن تتوارى من أبنائك وتنتظر ساعة حساب قادمة لا محالة، وإذا انتقدت ووضعت يدك على أخطاء فأنت جاهل وخائن وربما عميل، وعليك إعلان التوبة، وعلى الرغم من الخطوط الفاصلة بين التطبيل والتهليل والخيانة والعمالة.. إلا أن هذه المصطلحات أصبحت الأكثر شيوعًا، وقد تمتد إليك حتى لو كنت موضوعيًا في كتابتك عن الإنجازات أو الإخفاقات.
besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية