رئيس التحرير
عصام كامل

مُفتٍ سياسي!


شكى كثيرون من فوضى الإفتاء الدينى، حيث ينبري البعض للإفتاء في أمور الدين بغير علم، وطالبوا بتنظيم الإفتاء الدينى.. لكن يبدو أن الفوضى ليست قاصرة على الإفتاء الدينى فقط، وإنما هي تتسع لتشمل أيضا الإفتاء السياسي والاقتصادى والاجتماعى..


فنحن نجد من يتصدون للفتوى بغير علم في العديد من القضايا والأمور السياسية وكأنهم خبراء فيها! يطلقون الأحكام والآراء التي لا تستند إلى معلومات صحيحة.. ويخوضون في موضوعات لا يعرفون عنها شيئا، أو يعرفون عنها القليل فقط، الذي لا يكفى لصياغة موقف أو وجهة نظر!

وأحدث الأمثلة على ذلك ما يقولونه عن طريق "الحرير" الذي تسعى الصين لإحيائه في ممرات جديدة للتنمية تربط الشرق والغرب.. فهم أفتوا بأن هذا الطريق سوف يؤثر بالسلب على أهمية قناة السويس بالنسبة لحركة التجارة العالمية.. وبالتالى يرون عدم جدوى مشروع ازدواج قناة السويس الذي بدأت مصر تجنى ثماره المباشرة والمتمثلة في زيادة عوائد المرور في القناة، والتي بلغت هذا العام مليار دولار!

ولأن هناك من يفتون بما لا يعلمون، أو استنادا إلى معلومات غير كافية، تجاهل هؤلاء أن عملية ازدواج قناة السويس هي خطوة كانت ضرورية في المشروع الأكبر، وهو محور التنمية الخاص بالقناة، والذي يراه الصينيون محطة مهمة في طريق الحرير الذين يسعون لإحيائه.. ولذلك اجتذب هذا المشروع استثمارات صينية وأيضًا روسية مؤخرا.

أما إذا اقتصر الحديث على القناة فقط كمعبر مائى مهم بين الشرق والغرب، فإن هؤلاء لا يدركون أيضا أن هذا المعبر لا يستوعب كل حركة التجارة الدولية وإنما نسبة منهـا فقط.. أي إن الربط بخطوط السكك الحديدية لن تكون له آثار سلبية على أهمية القناة.. بل إن تحويل محور القناة إلى محطة عالمية لوجستية سوف يزيد من أهمية هذا المعبر، أو سوف يزيد الإقبال عليه أكثر.. وهذا يُبين أهمية مشروع ازدواج القناة.. أما الإفتاء حسب الهوى السياسي فهو خطأ فادح لأى سياسي.
الجريدة الرسمية