رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ طه النعماني: "الخشت" أول من هنأني بدخول الإذاعة.. والسوشيال ميديا قضت على "السميعة"

فيتو






قال الشيخ طه النعماني، القارئ بالإذاعة والتليفزيون، قارئ السورة بمسجد عمرو بن العاص، إن والده وهبه للقرآن الكريم بعد رؤية مناميه رأى فيها أنه يقرأ سورة (المُلك) في المنام على عدد من الشيوخ وبعد الاستيقاظ وجد نفسه وقد حفظ السورة بالكامل، فقرر أن يحفظ القرآن الكريم وأن يهب ابنه لكتاب الله.

وأوضح "النعماني" أنه في بداية حياته المهنية كان يقلد كبار المشايخ، مشيرا إلى أن انتشار السوشيال ميديا كان سببا مباشرا في قلة السميعة.. وإلى نص الحوار:


كيف بدأت حفظ كتاب الله؟
بدأت حفظ القرآن الكريم على يد والدي رحمة الله عليه، وختمته في سن التاسعة، وبعد ذلك التحقت بالأزهر الشريف، ووالدي كان يحفظني ويحفظ معي لأنه حفظ القرآن على كِبَر بعدما أنجب جميع أولاده.

ما السر في حفظ الوالد للقرآن على كِبَر؟
والدي -رحمة الله عليه- رأى رؤية منامية كانت هي السبب في ذلك، في الرؤية كان يجلس هو وأصدقاؤه بعد تشوين محصول القطن وسهرانين بالليل مع بعضهم، فنام والدي ورأي أحد العلماء يقولون له: تعالى كلم المشايخ في المسجد، فسأله أحدهم هل تحفظ القرآن؟ فرد عليه أحد الشيوخ أيوه الشيخ محمد حافظ، سمع يا شيخ محمد سورة الملك، وبالفعل سمعها على الشيوخ، وهو لا يحفظ القرآن أصلا، وبعدها استيقظ وهو في حالة ذهول! فقال لأصدقائه: هاتوا المصحف.. فأتوا إليه بالمصحف وسمع لهم سورة الملك كما سمعها في المنام بالضبط، وكنت أنا في عمر 4 سنوات فوهبني لحفظ القرآن الكريم وبدأ يحفظ معي.

ومن اكتشف فيك موهبة الصوت؟
اكتشف والدي موهبة الصوت وكان يأخذني بصحبته إلى المسجد أو المحافل والسهرات الرمضانية للتلاوة فيها بجوار الشيوخ، وأتذكر أن الشيخ محمد المنياوي رحمة الله عليه قال لوالدي: لا بد أن يذهب الشيخ طه للشيخ حسن على عبد المطلب يدرس على يديه الأحكام، فأخذني للشيخ -وكان من جيل الشيخ رزق خليل حبه- فسأل والدي: "أنت عاوزه يتعلم وللا ياخذ الشهادة"؟ فرد عليه: عاوزه يحفظ ويتعلم.


كيف تم اعتمادك في الإذاعة؟
كنت في أحد الأمسيات وسمعني الأستاذ السيد صالح، رئيس إذاعة القرآن الكريم فقال له أحد الأحباب: "انتو إزاي سايبين الموهبة دي برة الإذاعة"، فرد عليه: سنقدم له في الإذاعة. وبعدها بمده بسيطة جدا فوجئت بالأستاذ السيد بيتصل بي ويقول: أعطني بياناتك، وقال لي: اعمل حسابك عندك امتحان الأسبوع القادم، وبالفعل ذهبت في الموعد المحدد في اختبارات شمال الصعيد وكنت بصراحة مرتبك جدا وخايف وكان في اللجنة الشيوخ أبو العينين شعيشع رحمة الله عليه والشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف والدكتور المعصراوي، وكنت هايب الموقف إلا أن ابتسامة الشيخ أبو العينين هي التي أعطتني الطمأنينة والأمان، وسألني: أنت خايف من إيه؟! أنا سمعت إنك بتقول قد كده ثلاث مرات، أنا عاوز أسمع جواب. والحمد لله قرأت لمدة 5 دقائق وقال لي: "مهد وصدق" وبعدها بنحو شهرين أو ثلاثة كان عندي امتحان آخر في مبنى الإذاعة والتليفزيون، ثم جاءت 25 يناير فجلست 4 شهور إلى أن استقرت الأمور، وبدأت في التسجيل، وكان والدي رحمة الله عليه بدأ عنده المرض في تلك الأثناء وحينما علم بدخولي الإذاعة قال لي: أنا كدا خفيت يا ابني الحمد لله.

أين كان الظهور الأول على الهواء؟
كان من مسجد السلطان أبو العلا، وحضر معي ما يقرب من 18 شخصا، لكن الحمد لله كان فجر موفق جدا على الرغم من خوفي الشديد فأول ما المذيع قال مع القارئ الشيخ طه النعماني وأشار بيديه "مكنتش قادر أطلع صوتي ولا أعرف كيف خرجت الاستعاذة، لكن الحمد لله ربنا وفقني، فميكروفون الإذاعة حتى اليوم له رهبة، ومقدس بالنسبة لي".

ما قصتك مع «عمي جمعة» بمسجد السيدة زينب؟
عمي جمعة من محافظة كفر الشيخ مدينة بيلا، وكان مقيما هنا في القاهرة بحي زينهم، وكان يعشق السيدة زينب رضي الله عنها، وكان دائما ما يقول: "عشان خاطر الرئيسة المشيرة الكريمة العظيمة ستنا السيدة زينب"، وكان دائما ما يرددها في قرآن الفجر والمصريين وغير المصريين تعلقت آذانهم، وعقولهم بذلك الرجل، وهذه الكلمات التي تنفذ مباشرة إلى قلوب المستمعين، والوحيد الذي كانت الإذاعة تعطي له مساحة على الهواء.

وماذا عن أول مرة دخلت فيها الإذاعة؟
كانت المرة الأولى التي أدخل فيها الإذاعة عام 2003 بعد مشاركتي في مسابقة "حلاوة التلاوة" وكنت من الأوائل فيها ودخلت لفيت مبنى الإذاعة دور دور على رجلي، كنت عاوز أتفرج عليه إيه المبنى ده! وكان معايا تصريح دخول وقلت فرصة لا تعوض، وفي تلك المسابقة أخذت الثاني على الجمهورية وتوفيت والدتي قبل تكريمي بيومين، ووالدي توفى قبل طلوعي على الهواء بـ6 شهور، وقال لي جملة حاضرة دائما في ذهني: "يا ابني لو قالوا لك أبوك مات وانت رايح تسجل مترجعش من طريقك أبوك هيلاقي اللي يدفنه بس انت جايلك فرصة ربنا بعتهالك مش هتتكرر تاني، وأنا كان أملي في ربنا إنه يعطيني ابن يحفظ القرآن لكن يطلع في الإذاعة كمان دا أكثر مما كنت أتمنى".

من أول من هنأك بعد الظهور في الإذاعة؟
الشيخ محمود الخشت، قارئ السيدة نفيسة، هو أول من هنأني بعد الخروج في الإذاعة 17 مارس 2012، وقال لي: "أبوك دلوقتي مبسوط"؛ لأن أبويا كان نفسه يسمعني في الإذاعة.

حدثنا عن دور الوالد والوالدة في مسيرتك الشخصية؟
أنا كنت مشاكس جدا وأنا طفل صغير، لكن يكفيني أنهم فارقوا الحياة وهم في كامل الرضا عني، وكانت آخر دعوة لأمي في المرة الأخيرة التي رأيتها فيها قبل الوفاة: "ربنا يحبب فيك العبد والرب والحصى في الأرض والحمد لله أنا شايف دا".

متى كانت أول مرة تجلس على دكة التلاوة؟
كانت المرة الأولى في عزاء زوجة عمي، وقرأت يومها من سورة الصف، وبعدها صدّقت وقلت الفاتحة، فالشيخ الذي كان يجلس بجواري ضحك وقال لي: "إنت كده أنهيت الليلة، هنقرأ إيه تاني بقى!"، وأنا مكنتش أعرف وكان كل همي إني اقرأ بشكل سليم.

ما سر حبك وتعلقك بالشيخ السيد متولي؟
في بداية تلاوتي كنت أحب تقليد الشيخ السيد متولي، وفي أول لقاء بيني وبينه كنت فرحانا جدا أني رأيته، وبعض المشايخ لما رأيتهم وجلست معهم كان حلما بالنسبة لي، وكان أولهم فضيلة الشيخ أبو العينين والطبلاوي، والطنطاوي وشبيب، ولذلك حينما كنت أجلس معهم كنت لا أصدق نفسي.

هل ترى أن السوشيال ميديا هي المسيطرة على شباب القراء؟
الناس في تلك الأيام أصبحت تحكم بذلك، وللأسف بياخدوا بالمظاهر وقل عدد السميعة.

كيف ترى مستقبل شباب القراء في دولة التلاوة؟
لهم الله.. المستقبل بتاع ربنا، وشيء واحد أستطيع أن أقوله: "يا ريت جيل الشباب يتقي الله في القرآن فلا ينظر للنغمة الحلوة أو الآية الطويلة، نركز أكثر على تلاوة القرآن بشكل سليم، ويُسمع المرء للناس على قدر تقواه، وعلينا أن نُرضي ربَّ المستمع فيرضى عنك كل شيء.

كيف تستقبل رمضان كل عام؟
لا أشعر برمضان إلا في مصر ولا أحب السفر فيه إلى الخارج، لأنني لا أشعر به أيًّا ما كنت في بقاع العالم.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية