تداخل أصوات المآذن.. ونظرة رحمة
"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"..
لا شك أن هذا الموضوع قد تم حسمه من لجان الفتوى من قبل بما يضمن الصورة اللائقة للصلاة وخشوعها، ولا شك أن الأصل في كل شىء هو المرجع، وإذا وجد المرجع كان الاتفاق على الرأى.
لم يكن هناك أيام سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاه والسلام مآذن تتنافس في كونها الأكثر ارتفاعا، ولَم يكن هناك ميكروفونات صاخبة لتتداخل أصوات عدة مساجد، حتى لم نعد نسمع أي صوت يمكن تفسيره، ولَم تكن هناك أصوات غير لائقة إنما كانت الصلاة في محيط محدد بهدوء وإيمان ويقين ولَم تكن تلك السلبيات أبدا.
لنتعرف على الرسالة المطلوب منا استقبالها وما هي مضمونها؟
كل صوت رسالة ولكل رسالة هدف من مصدرها وهدف لمستقبلها، وإذا كان صوت الصلاة في محيط المصلين فما هي الرسالة الموجهة لمن هم في المنازل؟
إذا كانت الرسالة أن يسمع الناس في المنازل الصلاة فإن من الأولى أن يذهبوا لأداء الصلاة في المساجد. وإذا كان الهدف من الرسالة أنها عادة من زمان تعودنا عليها فإن ذلك معناه أن أي عادة يمكننا أن نجعلها مقدسة بالقيام بها، ولا نسمح لأحد أن يتكلم عنها، ونربط تلك العادة بالدِّين، فلا نسمح لأحد أن يتكلم فيها ونقتنع أنها جزء من الدين وبالطبع هذا غير منطقى.
كانت لى تجربة في سكن مؤقت أثناء عملى بين ثلاثة مساجد منها زاوية صغيرة لها ميكروفون قوى جدا، وكان صوت القارئ صعبا جدا، وميكروفونات المسجدين عادية، وقضيت شهر رمضان وأنا لم أر النوم في أول أسبوع، وكنت أضع القطن المبلل في أذنى حتى أستطيع فقط النوم ساعات معدودة قبل أن أعاود العمل في الصباح، وكلى إرهاق وتعب، مما جعلنى أترك المكان للانتقال إلى سكن مع أقاربى لباقى الشهر بعيدا عن صوت ٣ ميكروفونات..
ببساطة أصواتهم متداخلة وفى وقت واحد ولا تستطيع حتى أن تحدد الكلمات المرسلة، إنما فقط تسمع أصواتا صاخبة بدون القدرة على تحديد الكلمات.
حين ننظر للموضوع بنظرة عادلة نرى أن الصورة اللائقة بالإسلام -هي كل ما نريده في النهاية- أن نسمع بَعضنَا البعض، وأن نحترم آراء بعضنا البعض.
فلنتوقف عن فعل عادات أساءت للدين، ولأننا نقوم بها دون أن ندرك معانيها، لم نفكر يوما فيها، إلا أننا نكتشف بعد عمر طويل أن تجربة حقيقية واحدة لنا نكتشف بعدها عذابا عايشناه لا نريده لآخرين.. أدعو الله أن يجعلنا رحمة لبعضنا البعض.
اللهم إنى أشهدك أنى قلت ما يرضى ضميرى وبما يتوافق مع الرحمة بالعباد التي أمرتنا بها.. اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم.