رئيس التحرير
عصام كامل

هل تسجيل المحادثات الهاتفية واللقاءات جريمة؟


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة خيانة الصديق، ومع التقدم العلمي والتكنولوجي ووجود الهواتف الذكية في أيدي الجميع أصبح من السهل على الكثير تسجيل المحادثات الهاتفية لأصدقائهم دون علمهم، وكافة اللقاءات التي يحضرونها مع الآخرين دون مبرر.


ويصر هؤلاء على تخطي الحواجز الأخلاقية، وزاد من تلك التعديات سهولة استخدام التقنيات الحديثة والتي صارت في متناول الكافة، ونسوا أو تناسوا أن القانون الجنائي المصري حمى الحريات الخاصة وفقًا لنصوص مواد الدستور.

وتؤكد المادة (57) من الدستور على أن "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الإطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون.

وتلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك

كما نصت المادة (58) على أن "للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن.

وقد جرم المشرع المصري عملية التنصت دون إذن قضائي أو موافقة صاحب الشأن حيث نظم المشرع المصري تلك المسألة في المادتين 309 مكرر، 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري، حيث جرم الأفعال التي تشكل مساسًا بحرمة الحياة الخاصة.

والمادة 309 مكرر من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، أو بغير رضاء المجني عليه الأفعال الآتية:

(أ) استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة ـ أيًا كان نوعه ـ محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.

(ب) التقط أو نقل بجهاز من أجهزة ـ أيًا كان نوعه ـ صورة شخص في مكان خاص.

فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع ومرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضًا.

ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة إعتمادًا على سلطة وظيفته، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو يحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها.

أما المادة 309 مكرر (أ) عقوبات فقد نصت على:
يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ـ ولو في غير علانية ـ تسجيلًا أو مستندًا متحصلًا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.

ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه.

كما يعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتمادًا على سلطة وظيفته، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل منها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.

وقد استقرت أحكام القضاء الباتة على عدم الاعتداد بالأدلة المتحصلة من استعمال غير مشروع للضوابط القانونية السليمة للمساس بالحياة الخاصة، حيث انتهت تلك الأحكام إلى بطلان الأدلة الناتجة عن تسجيل تليفوني تم بالمخالفة للقانون وبغير علم الطرف الثاني في التسجيل التليفوني، ولعل في ذلك تأكيد على معنى حماية الحريات الخاصة وبيان أهميتها في ضوء الدستور والقانون.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية