دروس الاستفتاء وفريضة الوعي!
انتهى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، بكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات، خرج من قالوا «نعم» ومن قالوا «لا» بمكاسب كثيرة، تم سردها على مواقع التواصل الاجتماعي، أنصار كل فريق بما يتفق مع قناعاته السياسية والوطنية، وأهدافه ورؤيته لمستقبل البلاد، وطرفي النزاع ــ دون مزايدة أو استجابة لحمى الاستقطاب ــ يطمع في أن تكون بلاده الأفضل بين بلدان العالم أجمع.
المشهد الأكثر قتامة، والذي يستدعي الانتباه إليه -دون مزايدة أيضا- شيوع ضعف الوعي بأهمية الانتخابات، وأعتقد أن الجميع وخاصة الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، مطالبين بتحمل مسئولياتهم تجاه رفع الوعي، وخاصة الطبقات البسيطة والكادحة، والنزول إلى أماكن إقامتهم، وخلق دوافع جديدة لديهم، وتحفيزهم برقي واحترام واعتراف بالتقصير، لأداء الواجب الوطني بطريقة مختلفة.
ولن يحدث ذلك قبل فهم خصائص التركيبة الطبقية للمجتمع المصري، وهي متاحة للجميع، على منصات إلكترونية ومواقع بحثية ومتخصصة، وعلى الأحزاب جميعًا، وكل من يرى في نفسه التأهيل الكافي للعمل السياسي والاجتماعي، دراستها وفق أسس معرفية في المقام الأول، والإبداع في اقتراح برامج ملائمة لإحداث تنمية في الوعي المصري.
تحفيز الخيال السياسي لأهالينا البسطاء، ليس رفاهية، بل مهمة كل من يعمل بالعمل العام، لإبصارهم بمجموعة معارف أولية، تشكل لديهم وعيًا ثقافيا وسياسيا بمهام المؤسسات المهمة، مثل الرئاسة والبرلمان والحكومة، والانتخابات، والتصويت، والأحزاب السياسية، حتى يتمكنوا من رؤية المجتمع بشكل مختلف، ويكونوا جزءًا من الحل وليس الأزمة بالضرورة.
إهمال العقل في منهجية معالجة الفقر بمجتمعنا، لا يليق بدولة تسعى بسرعة الصاروخ إلى تحديث قدراتها الاقتصادية، وتريد الانطلاق إلى ما يستحقها، ولايليق كذلك بالنشطاء والمعارضين الذين سخروا كثيرًا من سلوكيات البسطاء، واكتفوا بالتنظير عليهم دون تقديم إسهامات حقيقية في تغيير الواقع.
علينا جميعا المشاركة في رفع الوعي، وخاصة بين أبناء المناطق والطبقات الأشد فقرًا، أعرف أن الأمر شاق وصعب، ولكنه السبيل لحل كل ما رأيناه من مظاهر لا نرضاها لبلادنا في المستقبل، وحتى يكون جميع المشاركين في تشكيل مستقبل البلاد، على وعي كاف وضمير حر !