تحيا مصر.. بعرق ودماء وطيبة بسطاء الوطن!
تعيش مصر لحظات مهمة في تاريخها الحديث، فمنذ 25 من يناير 2011 وثورة 30 يونيو 2013 ونحن نعيش في حالة لم ينته رسم ملامحها بالتأكيد، من أهم هذه المظاهر هي الرؤية السياسية لنظام ديمقراطى حر، نملك من خلاله التعديل والتغيير، ويكون المعيار هو المؤسسات السياسية التي اتفق واستقر عليها الشارع..
وعندما أقول إنه اتفق واستقر ليس معناه الموافقة 100%، فليس هناك نظام أو رأى يتوافق عليه البشر 100%، وإنما الرأى الذي يتوافق عليه الأغلبية من الشعب حتى ولو 51%، هكذا تفعل الدولة التي تمارس الديمقراطية، وأحيانا تكون اغلبية أحد الأحزاب في المجالس النيابية هي مقعد واحد فقط..
ربما المقدمة تكون طويلة ولكن الحقيقة أننى أرى أننا لم نتعلم من دروس الماضى، ولا حتى من تجارب الآخرين، في نفس المكان ومنذ خمس سنوات تقريبا كتبت أثناء إعداد الدستور ولجنة الخمسين مطالبا بأمرين، أن تكون فترة الرئاسة خمسةسنوات وتتساوى مع فترة مجلس النواب، على أن تتزامن الانتخابات معا، بحيث يأتى مجلس الشعب ورئيس الجمهورية معا، وتنتهى فترتهما معا، وهناك الكثير من الدول الغربية تفعل هذا..
لاننى كنت ومازلت أرى أن يكون مجلس الشعب خمس سنوات والرئيس اأبع فهذا أمر معوق، ونحمل الرئيس عبء التعامل مع مجلس ربما يراه غير كفء، وبالتالى سيدفع الثمن الرئيس والشعب، واقترحت خمس سنوات لإعجابى بما فعله الفرنسيون الذين قدموا دراسة عندما فكروا في إعادة النظر في عدد السنين للرئيس، وكانت سبع سنوات ولمرتين فقط، وجدوا أن السبع سنوات مدة طويلة والأربع سنوات قصيرة، فاختاروا الخمس سنوات للرئيس.
ربما في مجال آخر أكتب حكاية الأربع سنوات في أمريكا، بعد ما كانت مفتوحة وبلا حد أقصى، الأمر الثانى الذي طالبته أن يتضمن الدستور حق الرئيس الذي يمضى فترتين العودة للترشح بعد ابتعاد فترة رئاسية، ولأن لجنة عمرو موسى كانت تريد أن تنهى الدستور بأقصى سرعة، قدمته بكثير من العوار، والدستور مستحيل أن يرضى عنه الجميع، جميع دساتير العالم مختلفة، وكل حسب ظروفه وبيئته..
وهو ليس قرآنا منزلا من السماء يجب عدم الاقتراب منه، وأيضا ليس مسودة نشخبط فيها كل يوم وحسب رغبات أيا ما كان، وبالتالى ما يحدث الآن هناك ما يراه طبيعيا ويصلى القبلة فيها البيت الأبيض، برغم أنه لو اتجه إلى قبلة أخرى في ألمانيا أو إنجلترا سيجد الأمر مختلفا، فاذا كان الأمريكان قد وصلوا إلى أن صيغة المدتين أو الثمان سنوات كافية تماما لأى رئيس، فإن الألمان والإنجليز تركوا الأمر يخضع لرأى الشارع..
فلماذا يقف البعض لرؤية الأمريكان فقط ؟ لماذا لا يكون لنا نظامنا الذي يتناسب مع ظروفنا وحياتنا ؟ لا شك أن ما يحدث في مصر فترة استثنائية في تاريخنا، تشبه فترة ما بعد ثورة يوليو 52، فلم يفكر وقتها كل السياسيين ولا النخبة المثقفة فيما انتقدوه بعد ذلك من غياب الأحزاب والديمقراطية..إلخ ولم يطالب أحد بتحديد مدة رئاسة ولا غيره، مؤكد لا اطالب بأن يتكرر نفس السيناريو، ولكن أطالب بعدم الإفراط في كل شىء..
من يؤيد التعديلات الدستورية يتحدث عنها وكأنها هي الحل السحرى للاستقرار في البلد، ولو لم يحدث التعديل ستغرق مصر في طريق لا يعلمه إلا الله، واسوأ ما في هذا الفريق هو أن معظمهم آكلون على كل الموائد من زمن الرئيس السادات مرورا بالرئيس مبارك وحتى الآن يمارسون النفاق والدجل، لهذا لا يصدقهم الناس حتى لو قالوا صدقا..
والطرف الآخر الذي يرفض المساس بالدستور للأسف الأغلبية منهم لم يقدموا أي شىء حتى يقتنع بهم الشارع ويصدقهم، لأنهم طوال السنوات الماضية لم يقدموا سوى السب والشتائم والسخرية ومحاولات النيل باى شكل من الدولة المصرية، أما عطاؤهم للشارع فلا شىء، ولا أريد الحديث عمن امتطى جواد المعارضة وكان لا يملك شيئا واحترمته الناس، أصبح الآن من أصحاب المال والأعمال والحضور في المناسبات الخاصة لكبار القوم..
وبين هؤلاء وهؤلاء من رحمه ربه، يرى التعديلات مهمة وضرورية على الأقل للخروج من النفق الذي دخلته مصر منذ سنوات طويلة، وربما على امتداد خمسة وأربعين عاما، وأننا مازلنا في مرحلة التجريب والتجويد وهى نفس ما حدث منذ أكثر من خمسة وسبعين عاما في أمريكا، عندما كان لا قيود على فترات الحكم للرئيس، وتم المراجعة واستقر على مدتين بعكس ما حدث في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا..
وأيضا هناك من يرفض التعديلات من منطلق أننا لم نعط الحالة الحالية فرصة التطبيق، وهناك رأى ثالث والأخذ بتجربة بوتين في روسيا، وأرى أنه سبق السيف العزل، وأننا أمام تعديل مهم وضرورى الآن، مع العلم أنه لن يكون الأخير، لأن الاستقرار أو الثبات يعنى التوقف، وربما التخلف وطالما الحياة قائمة فالاختلاف والحركة هما من سنة الحياة، وهما من يعطىان للحياة طعما.
سؤال يحيرنى.. الذين يعترضون على التعديلات الدستورية لو سألتهم كم مرة ذهبت لصندوق الانتخابات؟ يرد بكل فخر وجهل: ولا مرة!
لهؤلاء أقول ليس من حقك إذن تصدعنا بالاعتراض، عندما تعتبر لصوتك قيمة اذهب واختار وكن فعلا إنسانا إيجابيا بدلا من الولولة على الفاضى!
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر بعرق ودماء وطيبة بسطاء الوطن!