هؤلاء أجدادي
سيظل التاريخ يذكر لأبناء أسيوط، عامة وقرية "بني عدي" خاصة، هذا الموقف المشهود، والحادث الجلل الذي شهدته المحافظة منذ أكثر من مائتي عام، حينما تصدى أبناء "بني عدي" للاحتلال الفرنسي، وسيكتب التاريخ على مدار الزمان أسماء هؤلاء المجاهدين بحروف من نور في سجل الأبطال..
وسيظل هذا التاريخ، شامخا ودليلا على الروح الوطنية التي امتلكها أجدادنا، والتضحية والفداء التي استرخصت كل غالٍ ونفيس في سبيل الدفاع والذود عن الأوطان، بدلا من الهروب إلى الشاطئ الآخر والبحث عن وطن بديل، أو عن ممول أو داعم، أو فرص للحياة.. بعيدا عما يصوره البعض مؤخرا بالجحيم، وهي مزاعم وإن كانت صادقة فإنها تحمل الكثير من التهويل والتضخيم الذي يتناسب مع الأفلام والمسلسلات، ولا يصح أن تكون واقعا!
فما من أسرة إلا وقد قدمت شهيدا أو أكثر في هذه المعركة مع المحتل الغاصب، حيث كان الأهالي حينذاك يرسلون جماعات منهم إلى النيل لمهاجمة السفن الفرنسية، وقد كان يوم 18 أبريل عام 1799 يوما مشهودا في تاريخ أسيوط، إذ ضرب أهالي "بني عدي"، في هذا اليوم مثلا رائعا في البطولة والفداء، حيث اجتمع فيها ما يزيد على ثلاثة آلاف فرد، تحت زعامة الشيخ "حسن الخطيب"، والشيخ "محمد المغربي"، والشيخ "أبو العدوي"، وانضم إليهم 450 من الأعراب المصريين و30 من المماليك..
وقد سار إليهم الجنرال "دافو" بجنوده، قاصدا إياها للاستيلاء عليها، فلما وصل إليها وجد الأهالي جميعا يحملون السلاح، وقد استبسلوا في تلقي هجمات الجيش الفرنسي فاشتبك الفريقان في معركة حامية دارت رحاها في طرقات "بني عدي"، وفي بيوتها التي حصنها الأهالي وجعلوا منها شبه قلاع، وانتهت المعركة بعجز الفرنسيين عن الاستيلاء على القرية، بسبب مقاومة الأهالي..
فلجأ الفرنسيون إلى وسيلة الحريق، فأضرموا النار في بيوت القرية فأصبحت البلدة شعلة من النار، وبهذه الوسيلة نجحوا في الدخول إلى "بني عدي"، بعد أن أصبحت رمادا واحتل الجنود الفرنسيون ما بقى من بيوت القرية وسلبوا ونهبوا كل ما وصلت إليه أيديهم من أموال وكنوز.