رئيس التحرير
عصام كامل

ما يحدث في ليبيا.. ومصداقية النظام الدولي!


ماذا كان سيقول الإمام الشيخ الشعراوي -لو كان بيننا اليوم- عن تعاسة البشرية وفشلها في تحقيق الحق والعدل والخير والجمال، وتفشي ظواهر العنف والكراهية والتعصب والانتقام وسيادة شريعة الغاب والبلطجة، واستغلال النفوذ وإقصاء الغير وقانون القوة لا قوة القانون..


فكيف تتحكم 5 دول في مصائر العالم بقوة الفيتو في مجلس الأمن، الذي بدلًا من أن يكون ميزان الحق والعدل والمساواة صار وسيلة لإدارة الصراعات وتحقيق المصالح الخاصة.. أليس ما يحدث في ليبيا اليوم مثلًا صارخا يطعن في مصداقية النظام العالمي برمته ويفقد الأمم المتحدة هيبتها..

كيف تكون حكمًا وخصمًا في الوقت ذاته.. وكيف تنتفض الأخيرة ومجلس الأمن لعرقلة جهود الجيش الوطني في تطهير البلاد من عناصر الإرهاب، وكأنهم يريدون إطالة أمد الصراع هناك.. وكيف يتحكم 5 أو حتى 15% من أفراد بعض الدول في ثروات العالم كله ومصائره؟!

لماذا يتحاشى مجلس الأمن- وهو يملك- فضح الدول الممولة للإرهاب، الساعية لتمزيق وتقسيم العالم العربي على أسس عرقية ومذهبية، تقود في النهاية لحرب أهلية يضيع بسببها دول وتتشرد أمم وشعوب، لا يمكن تبرئة دول بعينها من تنفيذ ذلك المخطط المشبوه كقطر وتركيا وأمريكا وغيرها من الدول الساعية لتدمير دول عربية وتخريبها وبث الفوضى في ربوعها.. ولولا 30 يونيو لكانت مصر واحدة من الدول التي مزقتها الصراعات والفتن.

ولن يستعيد النظام الدولي هيبته ومصداقيته إلا بإصلاح مجلس الأمن وتوسيع عضويته وكسر احتكار دول بعينها للقوة.. كما لن تنصلح أحوال دولنا إلا باستعادة قوتها الذاتية وتنمية شعوبها معرفيًّا وثقافيًّا لوضعها على طريق المنافسة، وبناء القدرات التي تجعلها في مصاف الأقوياء.. ومن دون ذلك فلا مقام لنا في النظام العالمي الجديد.

الشعراوي الذي ولد في مثل هذه الأيام قبل 108 أعوام كان ولا يزال الحاضر الغائب في وجدان الناس، ولا سيما المتدينين المؤمنين بالوسطية، الكارهين للمغالاة في الدين والشطط والغلو والتطرف الذي يفضي في النهاية إلى خلق جماعات التكفير على شاكلة داعش والقاعدة وغيرهما ممن ملأوا الدنيا عنفًا ودماء وقبحًا.
الجريدة الرسمية