رئيس التحرير
عصام كامل

نحن والسودان وليبيا


على مدى بضعة ساعات قضيتها ليلة، أمس، برفقة عدد من الأصدقاء، كان السؤال الذي فرض نفسه على الجميع، يتعلق بتأثير ما يحدث الآن في السودان وليبيا علينا في مصر، خاصة أنه يجمعنا مع الدولتين حدود طويلة.. وقد تنوعت وتفاوتت اجتهادات الأصدقاء، بحثًا عن إجابة لهذا السؤال المهم، لكن جمع بينها اتفاق على أن هناك تأثيرا ليس محدودا لما تشهده السودان وليبيا، علينا في مصر.


وانطلاقا من ذلك، قلت إن هذا التأثير، يمكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا، حسب مسار الأحداث في البلدين الشقيقين وسيناريوهاتها المختلفة.. ففي ليبيا إذا نجح الجيش الليبي، بقيادة حفتر في السيطرة على العاصمة طرابلس، فإن ذلك سوف يمكنه من تطهير الطريق الساحلي، الذي تسيطر عليه الميليشيات العسكرية، واتخذت منه عناصر داعش الهاربة من العراق وسوريا، ملاذا أمنا جديدا لها، ونقطة انطلاق لها للقيام بعمليات إرهابية ليس في ليبيا وحدها إنما في أرضنا المصرية أيضا..

وهذا سوف يساعدنا كثيرا في حربنا ضد الإرهاب، التي نخوضها منذ سنوات.. أما إذا أخفق الجيش الوطني الليبي واضطر للتراجع إلى طرابلس أو على الأقل الجنوب الليبي، فإن خطر هؤلاء الإرهابيين الذين يترقبون اختراق حدودنا سوف يظل ماثلا وقائما، أما بالنسبة للسودان فإن نوعية التأثير علينا، إيجابا أو سلبا، يتوقف على مسار الأحداث أيضا..

فإذا أخفق الحراك الشعبي في تحقيق ما يبغيه، فإن نظام البشير، الذي يستند إلى قاعدة لتيار الإسلام السياسي، سوف يستمر، ولكن دون البشير، وبالتالي سوف تظل التهديدات والمخاطر التي يمثلها مستمرة بالنسبة لنا، وسوف نشهد هذا التأثير في العديد من الأمور، بدءا من الموقف في سد النهضة الإثيوبي، وحتى تفاصيل العلاقات بين مصر والسودان، مرورا باحتمال تعرضنا لمخاطر هجرة سودانية جديدة؛ بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلد الشقيق..

لكن إذا نجح الحراك الشعبي السوداني في إزاحة نظام البشير، بما في ذلك القيادات العسكرية والأمنية التي كان يعتمد عليها، فإننا سوف نكون إزاء وضع جديد قد يحمل في طياته تطورات إيجابية بالنسبة للعلاقات المصرية السودانية، وأقل هذه التطورات يتمثل في هزيمة تيار الإسلام السياسي، الذي يعد ظهيرا للجماعات الإرهابية في منطقتنا.

الجريدة الرسمية