رئيس التحرير
عصام كامل

فتنة «الجيليفيك» و«الكارسيميا» تشتعل بين مرضى اللوكيميا.. دواء بديل لعلاج السرطان يثير أزمة بين "الصحة" و7 آلاف مريض.. شكاوى واستغاثات من المرضى بسبب وقف الصحة لصرف علاجهم الأساسي

وزارة الصحة
وزارة الصحة

«الجليفيك» عقار يستخدمه ما يقرب من 7 آلاف مريض بسرطان الدم «لوكيميا» ضمن بروتوكول العلاج من المرض الخبيث، غير أنه يبدو أن هناك من رأى أن المرضى هؤلاء بحاجة إلى مزيد من الآلام، فقرر – دون مراعاة لأدنى حقوقهم- وقف صرف العلاج في مراكز ومعاهد الأورام.


الأيام الماضية شهدت ظهورًا ملحوظًا لأزمة عدم توافر عقار «الجليفيك»، حيث تعالت أصوات المرضى وذويهم لمطالبة المسئولين بالتدخل لتوفيره، وبعثوا برسائل إلى جميع الجهات المسئولة عن تنفيذ هذا الأمر، ووصلت شكاوى المرضى إلى مكتب الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة زايد، وزير الصحة والسكان، لا سيما وأن المشكلة تفاقمت خلال الأيام الماضية.

من جانبه قال أحمد عوض، مؤسس جمعية مرضي اللوكيميا: «الجليفيك» هو أول عقار لمرضى اللوكيميا المزمنة، وحوله من مرض مميت إلى مرض مزمن يمكن للمريض أن يتعايش معه، والعقار عبارة عن أقراص يحصل عليها المريض، والشركة المنتجة للعقار كان لها حق الملكية الفكرية في إنتاجه لعدة سنوات، وحاليا أصبحت أي شركة أخرى يمكنها إنتاج مثيل له، فهناك عقار آخر يسمي الكارسيميا بنفس المادة الفعالة، لكنه لم يقدم النتائج التي يقدمها «الجليفيك» وحاليا وفرته وزارة الصحة في مستشفيات ومراكز الأورام، إلا أنه لم يأت بنتيجة فعالة مع المرضى وثبت ذلك من خلال التحاليل.

مؤسس جمعية مرضى اللوكيميا، أوضح أن «وزارة الصحة صممت على صرف عقار الكارسيميا رغم أنه لم يحقق النتائج المطلوبة، ليس هذا فحسب، لكنه تسبب في تدهور حالة المرضى الذين تناولوه، ومن الطبيعى أن أي عقار له أعراض جانبية، غير أن آثار الكارسيميا لا يمكن احتمالها، والغريب هنا أن وزارة الصحة تجاهلت الشكاوى هذه وقررت تعميمه على المستشفيات لأن سعر أقل من سعر العقار الآخر»، وتابع: الأدوية تصرف للمرضى مجانا على نفقة الدولة والتأمين الصحي، لأن المريض لن يستطيع شراءها على نفقته الخاصة لارتفاع ثمنها ويصدر لها قرارات تجدد كل 3 أشهر، وعدد من الأطباء نصح المرضى بضرورة البعد عن الكارسيميا، لأن المرضى الذين يحصلون عليه لا يمكنهم الرجوع إلى الجليفيك.

«عوض» كشف عن مشكلة أخرى تواجه المرضى، والتي تتمثل في عدم توافر الكشوف الخاصة بإجراء التحليل الكمي لنسبة المرض ويجب إجراؤه كل 3 أشهر لمتابعة نسبة المرض في الدم، حيث يوضح التحليل مدى تطور المرض وفعالية العقار المستخدم في الجسم، مشددًا على أن «المريض الذي ينقطع عن العلاج يؤثر سلبا عليه من خلال تحويل نوع اللوكيميا إلى نوع آخر ليس له علاج».

أستاذ أمراض دم، تحفظ على ذكر اسمه، في تعقيبه على أزمة اختفاء «الجيلفيك» أكد أن السبب صراع الشركات على توفير الدواء الخاص بكل شركة داخل مراكز علاج الأورام، مشيرًا إلى أن الطريق العلاجي الوحيد لهؤلاء المرضى هو عقار الجليفيك، والذي كانت تنتجه إحدى شركات الدواء السويسرية، ومؤخرا منذ عامين بدأت إحدى الشركات العربية إنتاج المثيل للعقار بنفس المادة الخام باسم تجاري مختلف بسعر أقل يباع بـ 2000 جنيه للعبوة تكفي شهرا للمريض، بينما العقار المستورد يباع بـ11 ألف جنيه للعبوة بما يفوق قدرة أي مريض، وتوفير العقار المثيل «الكارسيميا» يوفر على ميزانية الدولة آلاف الجنيهات شهريا للمرضى الذين يصرف لهم، فضلا عن أن الاعتماد عليه يمكن أن يجعل الشركة الأجنبية تقلل من سعر المستحضر الذي احتكرته لعدة سنوات.

وأكمل: المرضي الجدد الذي بدأوا مؤخرا في العلاج بالعقار المثيل الكارسيميا وصلت نفس نتائجهم إلى ذات النتائج الخاصة بـ«الجيلفيك» إلا أن المرضى القدامى الذين حصلوا على العقار الأخير ربما يرون أن الوزارة توفر على حساب صحتهم، والمريض يشعر دائما أن العقار الأقل سعرا أقل جودة، كما كشف أن «التنافس بين شركات الأدوية المختلفة يدفعها إلى البحث عن معلومات معلومات المرضى في المستشفيات الذين يتعرضون إلى أعراض جانبية من أي عقار منافس لتحريك دعاوى قضائية باسم المرضى».

بدوره.. قال محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء: مرضى اللوكيميا في العالم يستخدمون دواء واحدا، وفي مصر قامت وزارة الصحة مؤخرًا بتغيير الدواء لنوع آخر أقل تكلفة، وفاعليته لا تقل عن فاعلية الدواء الأجنبي، وبذلك استفادت مصر والشركة المنتجة للعقار صاحب التكلفة الأقل التي أنفقت حتى تقوم بتصنيع مستحضر بديل أو مثيل للأجنبي، وأردف: هناك شكاوى دائمة من المرضى بأن الدواء يسبب مضاعفات لهم، مما يضعه في دائرة الاشتباه، ولهذا يجب على وزارة الصحة قطع الشك باليقين وعمل دراسة بحثية في معهد أورام وإذا ثبتت فاعلية الدواء يجب تعميمه على كل المعاهد والمرضى، أما إذا ثبت العكس فيجب أن تتوقف الوزارة عن صرفه للمرضى.

‎من جانبها قالت الدكتورة هند نبيل، استشاري أمراض الدم بكلية الطب، جامعة القاهرة: اللوكيميا له أنواع متعددة، فهناك اللوكيميا المزمنة، والخط العلاجي الأساسى للمرضى بهذا النوع هو عقار الجليفيك، والعقار متوفر في مصر منذ سنوات، وتسبب ظهوره في حدوث طفرة كبيرة للمرضي من خلال تحسين حالتهم الصحية، وزيادة فرص الحياة، خاصة أن هؤلاء المرضى قبل ظهور العقار لم يكن لهم علاج ويتوفي المريض خلال 5 سنوات على الأكثر.

وأكملت: حاليا يوجد عدد من الخطوط العلاجية للمرضي، ولا يوجد دواء فعال 100%، وبعض المرضى لا يستجيبون للعلاج بخط العلاج الأول مثل الجليفيك أو الكارسيميا، ويتم وقفه لهم واستخدام خط علاج ثان بعقار مثل تاسجنا، والمرضى يحصلون على العقار طوال العمر مدي الحياة، والعقاران متوفران في عيادات التأمين الصحي ويتم صرفهما وفقا لحالة المريض وكما يري الطبيب المعالج.

كما شددت على أنه «لا توجد فروق كبيرة في الفعالية بين العقاقير المستخدمة كخط علاج أول، وكل الأصناف المستخدمة من الممكن أن تسبب آثارا جانبية، فعلى سبيل المثال دواء الكارسيميا كان له أعراض جانبية على بعض المرضى، منها حساسية الجلد أو اضطراب الجهاز الهضمي، وكذلك الجليفيك ممكن أن يسبب تورما في الجسم وتجمعا للمياه، والكارسيميا عقار حديث في الاستخدام، ولا يمكن الحكم على فعاليته أو أعراضه الجانبية إلا بعد مرور عدة سنوات على استخدامه بشكل واسع بين المرضى».

«فيتو» من جانبها حاولت التواصل مع وزارة الصحة والسكان للرد على كل ما جاء بالتقرير، لكنها لم تتلق ردًا من المسئولين في الوزارة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية