"أوراسكوم" تكشف حقيقة استحواذها على شركة النيل للسكر
أصدرت شركة أوراسكوم للاستثمار القابضة "ش.م.م" بيانا مطولا ردت فيه على التساؤلات والتعليقات التي ترددت مؤخرًا من بعض مستثمري الشركة ومحللي بنوك الاستثمار والصحافة المتخصصة بشأن قرارات مجلس إدارة الشركة الأخيرة في اجتماعه المنعقد بتاريخ 3 أبريل الجاري، فيما يتعلق بإستراتيجية الشركة الاستثمارية المستقبلية، وموقف الشركة الأخير من صفقة "النيل للسكر".
الإستراتيجية الاستثمارية للشركة
منذ انقسام الشركة عن شركة أوراسكوم تيلكوم القابضة في عام 2011، عكفت إدارة الشركة على دراسة بدائل لإستراتيجيتها الاستثمارية، إلا أن المناخ الاستثمارى حينها لم يكن مشجعًا للدخول في قطاعات أخرى أو جديدة، وعليه تخارجت الشركة من استثمارتها الأساسية في مجال الاتصالات وقامت بتوزيع أرباح استثنائية على مساهميها على مدار السنوات السابقة بلغت 7.4 مليار جنيه مصرى تقريبًا.
مع استقرار المناخ الاستثماري في مصر، ونظرًا للخبرة الواسعة لإدارة الشركة واستكمالًا لإنجازاتها السابقة في الاستثمار في أكثر من 20 دولة مختلفة وخلق أكثر من 30 ألف فرصة عمل مما حقق أرباحًا لجميع مساهمي الشركة على مر السنوات، قررت الشركة مراجعة سياستها الاستثمارية وإستراتيجيتها نظرًا لوجود فرص هائلة للنمو في مجالات مختلفة بالدخول في خمس قطاعات جديدة أولها قطاع الخدمات المالية، والذي قامت فيه الشركة بالاستحواذ على شركة بلتون بسعر بلغ حينها 4 جنيهات للسهم والذي ارتفع إلى 16 جنيها للسهم خلال الخمسة أشهر التالية للاستحواذ.
كما قامت الشركة خلال الثلاث سنوات السابقة بالإستحواذ على شركة أربا جريسون الأمريكية من خلال شركة بلتون وأنشأت شركة ريزا كابيتال بالبرازيل، وأخيرًا استحوذت على 30% من أسهم شركة ثروة كابيتال والتي تعد أكبر شركة في تقديم خدمات التمويل الاستهلاكي والحلول التمويلية المتطورة في مصر والتي نمت بمعدل نحو 50% في عام 2018 لتحقق صافي ربح يقدر بـ 283 مليون جنيه مصري.
الاستثمار في الخدمات اللوجستية والصناعات الزراعية والغذائية
ومع بداية عام 2017، بدأت الشركة في دراسة عدة فرص استثمارية في قطاع التصنيع الزراعي والغذائي في مصر وأفريقيا، حيث ترى إدارة الشركة أنه قطاعًا واعدًا لأسباب كثيرة منها انخفاض تكلفة العمالة النسبي ووفرة الأيدى العاملة المدربة في السوق المصرية، وموقع مصر الجغرافي الإستراتيجى الذي يمكنها من الوصول إلى أسواق كبيرة وقريبة. كما تشير توقعات البنك الدولي إلى نمو سوق الأغذية المحلي في أفريقيا خلال السنوات القادمة بمعدلات كبيرة، بالإضافة إلى استمرار نمو السوق المصرى في ضوء الزيادة السكانية وتحسن الناتج القومي المحلي ودخول مصر في عدة إتفاقيات دولية مع الدول المجاورة مما يمنحها مميزات تنافسية لتصدير منتجاتها.
تهدف الشركة للاستفادة من الانخفاض النسبي في تكاليف الإنتاج في مصر، خاصةً بعد خفض معدل صرف الجنيه المصري مؤخرًا، وذلك بالإنتاج المحلي لمنتجات غذائية بنفس جودة ومعايير المنتجات الأوروبية والأمريكية وبأسعار تنافسية. وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية عالية الجودة في مصر والتصدير للأسواق الأفريقية والأسواق الناشئة الأخرى والتي تعتمد في الوقت الحالي على المنتجات المستوردة.
نظرًا لاعتماد قطاع الصناعات الزراعية بشكل أساسي على الخدمات اللوجستية، فإن الشركة خططت خلال الفترة السابقة لبناء منصة لوجستية على مستوى الجمهورية من أجل خلق ذراع قوي للتوزيع والتجارة والذي من شأنه تعظيم هامش الربح لقطاع الصناعات الزراعية الذي تنوي الشركة الاستثمار به وكذلك توفير هذه الخدمات للغير، علمًا بأن خدمات النقل والتخزين المتوفرة حاليًا في السوق المصري تحتاج إلى الكثير من التطوير وتفتقر لمعايير الجودة والأداء.
وتعكف الشركة حاليًا على دراسة الاستثمار في عدة مشروعات في قطاع التصنيع الزراعي والغذائي، ومنها مصنع لإنتاج مشتقات التمور وتشمل السكر السائل، ومصنع لإنتاج مشتقات الطماطم وتشمل الزيوت الطبية، ومصنع لإستخراج مشتقات النباتات العطرية ومصنع لإنتاج العصائر ومنتجات الألبان ومصنع لإنتاج منتجات غذائية خفيفة. وسوف تعلن الشركة عن تفاصيل تلك المشروعات فور الانتهاء من دراستها.
الاستحواذ على النيل للسكر
وفى سبيل تحقيق رؤية الشركة وإستراتيجيتها في قطاع التصنيع الزراعي والغذائي، قامت إدارة الشركة بتحديد قطاع صناعة السكر في مصر ليكون بمثابة حجر الأساس الذي ستبنى عليه الشركة مشروعاتها المستقبلية في هذا القطاع نظرًا لوجود عجز في إنتاجية السكر في مصر يقدر بـحوالي 30% تزيد بمقدار نحو 80 ألف طن تقريبًا سنويًا، حيث تنتج مصر نحو 2،2 مليون طن من السكر سنويًا في حين أن الطلب في السوق يبلغ نحو 3،2 مليون طن. وهذا العجز يتم معالجته في الوقت الحالي عن طريق إستيراد السكر.
وبناءً عليه قامت الشركة بالتواصل مع مساهمها الرئيسى نظرًا لكونه أحد أكبر المستثمرين في قطاع زراعة بنجر السكر وإنتاج السكر في مصر، والذي أوضح بدوره لمجلس إدارة الشركة التحديات والصعوبات التي تواجه مصُنٌعي السكر في مصر والتي قامت الشركة بأخذها في عين الاعتبار عند تقييمها لصفقة شراء شركة النيل للسكر.
وأبدى المساهم الرئيسي تحفظه على تقدم الشركة بعرض لشراء أسهم شركة النيل للسكر لكونها عقد من عقود المعاوضة مع أطراف مرتبطة.
ورغبةً من إدارة الشركة في تقديم عرض الشراء إعمالًا للمصلحة العامة لمساهمي الشركة، وذلك بعد أن قامت بجميع الدراسات والفحوصات المطلوبة، وافق المساهم الرئيسي على تقدم الشركة بعرض الشراء شريطة موافقة مساهمي الشركة على الصفقة مع امتناع المساهم الرئيسي عن التصويت.
تقييم شركة النيل للسكر
قامت الشركة بتعيين مستشاريين قانونيين وماليين لإجراء فحص نافٍ للجهالة على شركة النيل للسكر ومستشار مالي آخر مستقل لدراسة وتحديد القيمة العادلة لأسهم شركة النيل للسكر، كما قام مراقب الحسابات بمراجعة تقييم المستشار المالى المستقل وإبداء رأيه فيه طبقًا للقانون والقواعد المنظمة.
يعد متوسط سعر طن السكر حاليًا في أقل مستوياته منذ تعويم الجنيه المصري. مع الأخذ في الاعتبار أن ربحية الشركة تتأثر بشكل كبير بالتغير في سعر طن السكر، فعلى سبيل المثال إن زيادة 1000 جنيه في سعر طن السكر (أي زيادته بـ 13% تقريبًا من السعر الحالي والذي يبلغ 7200 جنيه تقريبًا) يؤدى إلى زيادة صافى ربح الشركة بنحو 200 مليون جنيه.
وبالإشارة إلى ما تم تداوله حول مقارنة تقييم شركة النيل للسكر بناءً على نتائجها مقارنةً بنتائج إحدى الشركات المماثلة والمتداول أسهمها في البورصة، فمن وجهة نظر الشركة أنها مقارنة غير دقيقة حيث أنه يجب تحييد تأثير العوامل الآتية على نتائج أعمال تلك الشركة: (أ) طريقة تقييم مخزون الشركة، (ب) رسملة بعض التكاليف الأخرى، (ج) رد مخصصات إنتفى الغرض منها، (د) تسجيل أرباح من شركات شقيقة، (ه) معالجة مكافآت العاملين كتوزيعات للأرباح وليست مصروفات.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن بعض الشركات التي تم إنشاؤها مؤخرًا والعاملة في مجال صناعة السكر قد تكبدت تكلفة مرتفعة لشراء الآلات والمعدات اللازمة للتصنيع بعد تعويم الجنيه المصري، مما أدى إلى إحتياج تلك الشركات لاقتراض مبالغ إضافية وتحقيق خسائر مرحلة تصل قيمتهما إلى مليارات الجنيهات والتي قد تعادل قيمة الإستحواذ على شركة النيل للسكر مما يؤثر على قدرة تلك الشركات على توزيع أرباح لمساهميها لفترة زمنية طويلة.
من مميزات الصفقة أنه يمكن تحويل أرض المصنع إلى مجمع صناعات غذائية متكامل نظرًا لأنها تتمتع بموقع متميز بالإضافة إلى أن المصنع مبني على مساحة 45% فقط من الأرض البالغ مساحتها مليون متر مربع، كما أنها كاملة المرافق من غاز طبيعي ومياه ومزودة بمحطة كهرباء ذات طاقة إنتاجية عالية.
إن شركة النيل للسكر إنتهجت إستراتيجية التكامل الرأسى (Vertical Integration) عن طريق قيامها بزراعة البنجر مباشرة، حيث إرتفعت النسبة المئوية للبنجر المزروع من قبل الشركة المستخدم في إنتاج السكر من 0% إلى 20% في السبع اعوام السابقة، ومن المخطط أن ترتفع إلى 30% خلال عام 2019، مما سيؤدي إلى الحد من مخاطر نقص توريد البنجر.
والجدير بالذكر أن تجربة شركة النيل للسكر في زراعة البنجر قد نجحت بشهادة تقرير وزارة الزراعة وإستصلاح الأراضى (مجلس المحاصيل السكرية) عن برنامج شركة النيل للسكر لزراعة محصول بنجر السكر في منطقة الضبعة حيث وصل متوسط إنتاجية الفدان من 28 – 57 طن بنجر سكر (على حسب عمر النبات)، وهو ما يفوق إنتاجية بنجر السكر في مصر وكل الدول الأوروبية ذات الجدارة الإنتاجية الأعلى في محصول بنجر السكر.
وبإتخاذ الشركة للنظرة التحفظية على التحديات والصعوبات التي تواجهها صناعة السكر في مصر، وفى ضوء التقييم ونتائج الفحص النافي للجهالة والمباحثات التي تمت بين إدارة الشركة وممثلي البائعين، قرر مجلس إدارة الشركة عرض فرصة الاستحواذ على أسهم شركة النيل للسكر على مساهميها (مع إمتناع المساهم الرئيسى للشركة عن التصويت) بمبلغ يقل عن تقييم المستشار المالى المستقل بمائة مليون جنيه بإعتبارها عقد من عقود المعاوضة يستوجب الموافقة المسبقة لمساهمي الشركة.
آلية تنفيذ الصفقة
تطبيقًا لقواعد الحوكمة وإلتزامًا من الشركة بحقوق الأقلية وقانون سوق المال وقواعد قيد وشطب الأوراق المالية والقرارات المنظمة، تنوه الشركة إلى أن المساهم الرئيسى للشركة سوف يمتنع عن التصويت على الصفقة باعتبارها عقد من عقود المعاوضة على أن يقتصر التصويت على مساهمى الأقلية فقط. وفى حال رفضهم للإستحواذ سوف تستمر الشركة في دراسة فرص استثمارية أخرى في القطاعات السابق الإعلان عنها.
في حالة موافقة مساهمي الأقلية على إتمام الصفقة في الجمعية العامة العادية المقرر إنعقادها في 5 مايو 2019، ستقوم الشركة بتوقيع عقد بيع وشراء الأسهم وسداد مبلغ نحو 429 مليون جنيه مصري مقسمين إلى 359 مليون والذي يعادل 10% من ثمن البيع ونحو 70 مليون جنيه قروض المساهمين المقرضين لشركة النيل للسكر. على أن يتم سداد باقي ثمن الشراء البالغ قدره 3،2 مليار جنيه تقريبًا من خلال إصدار أسهم جديدة عن طريق زيادة رأس مال الشركة بمبلغ 6،2 مليار جنيه تقريبًا من خلال الجمعية العامة العادية والتي سوف يتم الإعلان عن موعد انعقادها بعد اتخاذ الاجرائات اللازمة.
السياسة التمويلية للشركة
وترتكز سياسة الشركة التمويلية لتمويل المشاريع سالفة الذكر على محورين أساسيين هما القروض البنكية منها عقد القرض متوسط الأجل من البنك الأفريقي للإستيراد والتصدير بمبلغ 170 مليون دولار أمريكي وحصيلة الزيادة في رأس المال المزمع إجرائها حال موافقة مساهمي الشركة على الإستحواذ على شركة النيل للسكر في الجمعية العمومية المزمع إنعقادها في 5 مايو 2019.
وأخيرًا، تؤكد الشركة على استمرار إلتزامها بسياساتها الاستثمارية لتحقيق أفضل نتائج وتعظيم أرباحها لصالح مساهميها، وكما أوضحنا سلفًا فإن القرار بالموافقة على اتمام صفقة الاستحواز على شركة النيل للسكر متروك فقط لقرار الأقلية في الجمعية العمومية.