توحيد ليبيا بوابة استقرار الشمال الأفريقي
في 4 أبريل، أعطى المشير "خليفة حفتر" أمره بالهجوم على العاصمة طرابلس وتحريرها من الجماعات الإرهابية المسلحة، وفي المقابل، أمر "فايز السراج"، رئيس حكومة الوفاق الوطني، الوحدات العسكرية الخاضعة لقيادته بأن تعمل بكامل طاقتها، وأن تستخدم القوة لصد هذا الهجوم.
ويأتي التغيير في الموقف العسكري في ليبيا قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني الذي كان مقرر عقده في الفترة من 14 إلى 16 أبريل في مدينة "غدامس" بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية.
وتسبب تحرك الجيش الوطني الليبي تجاه طرابلس في قلق العديد من القوى والأجهزة الدولية، ففي 5 أبريل، عبر مجلس الأمن الدولي بالإجماع عن "قلقه العميق إزاء الأعمال العسكرية بالقرب من طرابلس". في حين أجرى الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريس" مشاورات عاجلة في ليبيا مع الأطراف المتصارعة، وحثهم على وقف التصعيد العسكري.
فيما حذر وزراء خارجية الدول السبع الكبرى في 6 مارس المشير "حفتر" من احتلال طرابلس، مؤكدين أنه "لا يوجد حل عسكري للصراع الليبي". أما عن موقف روسيا من التطورات العسكرية، فقد أكدت موسكو أنها تحتفظ باتصالات مع جميع القوى الرئيسية في ليبيا، وتصر على الحوار والتسوية السياسية. وقد أجرى الممثل الخاص لرئيس روسيا للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "ميخائيل بوجدانوف"، في 5 أبريل محادثة هاتفية مع المشير "حفتر"، أكد فيها الموقف المبدئي لموسكو في دعم الأساليب السياسية لحل جميع القضايا المتنازع عليها في ليبيا، وخطوات الوساطة التي اتخذتها الأمم المتحدة.
وقد جرى هذا الاتصال بمبادرة من الجانب الليبي.
من جانبنا نرى أن التطورات الجارية في ليبيا حاليا، أمر طبيعي وكان يجب على الجيش الوطني الليبي القدوم عليه في وقت سابق، لكن يبدو أن التوقيت كان هو الحاكم. فمسألة وجود حكومتين في ليبيا تروق للعديد من القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل السيطرة السهلة على حقول النفط الكبيرة، والسيطرة على الأمور كلها في ليبيا، فكان الأساس في ما يسمى أحداث الربيع العربي هو "التقسيم من أجل السيطرة".
ونجحت الخطة في دول مثل اليمن وسوريا وليبيا أيضا، لكن الجيش الوطني الليبي بعد أن قام بالسيطرة على المدن الشرقية الكبرى كان عليه أن يقوم بالسيطرة على مدن المنطقة الغربية وعلى رأسها طرابلس، التي تتحصن بها حكومة الوفاق بقيادة "فايز السراج" بالإضافة إلى وجود العديد من الجماعات الإرهابية بها.
وبسبب رفض حكومة "السراج" للكثير من خطط الوفاق والتسوية، كان على الجيش الليبي تحرير طرابلس، خصوصا وأن المؤتمر الذي كان مقرر عقده في مدينة "غدامس" كان سيفشل أيضا، بسبب تعنت "السراج" والدول التي تقف وراءه وأهمهم قطر وتركيا.
ويأتي رد الدول السبع الكبرى ليؤكد أن هذه الدول تقف وراء تقسيم ليبيا.
إن أي محاولة داخلية ليبية تهدف إلى الوحدة ستجد معارضة أمريكية-فرنسية- إيطالية وبالطبع تركية-قطرية، لذلك يجب على كل من روسيا ومصر والجزائر دعم الجيش الوطني الليبي بكافة الوسائل من أجل استكمال مهمته في توحيد ليبيا وتنظيفها من الجماعات الإرهابية، فنجاح الجيش الليبي في السيطرة على غرب ليبيا وخصوصا العاصمة سيغير بشكل جزري الموقف العسكري العام في الشمال الأفريقي، في توقيت حساس جدا، مع تغيير القيادة السياسية الجزائرية.