«أوبر» تسيطر!
لأول مرة نشعر بوجود جهاز حماية المنافسة ودوره بمناسبة اتفاق شركتي "أوبر" و"كريم" على استحواذ الأولى على الثانية في مصر والشرق الأوسط.. فعندما بدأت المفاوضات بين الشركتين حول هذه الصفقة الكبيرة سارع الجهاز مبكرا إلى تنبيه الشركتين إلى دوره في فحص الصفقة للتأكد أنها لن تضر المستهلكين من الركاب وأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال، وأيضًا السائقين الذين يعملون في الشركتين وغيرهما من الشركات.
لذلك عندما تم التوصل إلى اتفاق استحواذ "أوبر" على "كريم" رهنت الشركتان إنفاذه إلى حين منح جهاز المنافسة الموافقة على هذا الاتفاق.
فهذا الاتفاق يمنح شركة "أوبر" السيطرة منفردة على سوق النقل في مصر، وقد يغريها ذلك أن تتورط في ممارسات احتكارية، في ظل عدم وجود منافسة جادة لها، خاصة وأن ما يشاركها السوق المصرى في مجال النقل إما شركات صغيرة أو فردية لا تقوى بالطبع على منافستها.
ولذلك كان تدخل الجهاز مهما وضروريا، وهو التدخل الذي جعل شركة "أوبر" تعلن أن هذه الصفقة لن تدخل حيّز التنفيذ إلا بعد موافقة الجهاز.. وبالطبع في مقدور الجهاز أن يلزم شركة "أوبر" على الالتزام بمجموعة من الالتزامات والضوابط التي تحمى المستهلكين وأيضًا أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة في سوق النقل.
يبقى القول إننا نرجو أن نرى هذا الجهد من جهاز حماية المنافسة في شتى مجالات السوق بالبلاد، خاصة في القطاع الطبى (مستشفيات، ومعامل أشعة وتحاليل طبية) الذي يشهد الآن ومنذ فترة عمليات استحواذ واسعة وعديدة ترتب عليها تكوين كيان كبير.
ومثلما تعامل الجهاز مع "أوبر" و"كريم" يتعين أن يتعامل أيضا مع هذا الكيان الطبى أيضا لحماية حقوق المرضى وأصحاب المستشفيات ومعامل التحاليل والأشعة الصغيرة والمتوسطة، وإلا فوجئنا بتمدد واتساع الاحتكارات التي صارت تحكم وتسيطر على السوق المصرى، وعلى السلع والخدمات فيه.